1. «أبناء صنوبرة» (3 أفغان سقطوا من طائرة الشحن العسكرية الأميركية وهي في السماء)
نحن 3 أفغان متلاشينَ
3 أجساد ساخنة
سقطتْ
مثل الثمر العطن
ولم تلقفها الأرض
3 أرواح فارغة
علقت
في طائرة الشحن
■ ■ ■
نحن 3 أفغان
خانهم الحدس
فحسبوا
طائرة «بيونغ» الأميركية
تملك روح صنوبرةٍ
فتسلّق كل منا
واحتضن الشجرة في داخله

الهروب من كابول يوم 28 آب (أغسطس) 2021 (وكالة Maxppp)


وتفيّأ ظل جناحٍ
لكنّ السطح الأملس لمحرّكها
ليس لحاءً يقرأ نبض قلوب خائفة
ليميل الجذعُ الخشنُ
فروعاً نمسك فيها
الشجرة تملكُ قلباً
أما الطائرةُ
فجهاز تحكّمها لم يدركنا
■ ■ ■
الطائرةُ زوجة أبٍّ قاسيةٌ
والشجرة أمٌّ نتعلق في رقبتها
حتى لا تخطفنا الريح
ولا تأخذنا الأرض
وقد يُفتّتنا العشب الأخضر
نسقط
أو نتحطّم
لكنّا نبقى
أبناء صنوبرة تبكي
إن أدركنا الموت
شريفاً
لا يلتقط ثلاثة أفراخ تتوسّدُ ريش جناح الطائرة
ولم تدفعها أمومتها لتكشّر
في وجه ملاك الموت
لم يعرفنا الجسمُ الناعمُ للحرباء الأميركية
وهي تقصفنا مثل بصاقٍ
(نحن بصاق!
فضلات بيونغ غلوب ماستر!)
فسقطنا لم تدركنا الأرض
ولم نتصادف برعاة جبالٍ تتسربلُ كابول
لا «طالبان» رأونا
لم يصحبنا سرب طيور مثل ناسٍ مهاجرةٍ
نحن الأفغان المتلاشين
تصادف أن الفيديو التقط 3 أشباح
لطموا العالم
ثم تلاشوا
ليت مجال الكاميرا اتّسع
لنعرف أين ذهبنا
■ ■ ■
2. «السيدة الميتة» (أفغانية تجمّدت على الحدود بين إيران وتركيا)

ليس الموت
- تقول السيّدة الميتة -
أن أتجمّد فوق الثلج
لكنّ الموتَ
عيون صغاري وهي تترجّى
والأسنان وهي تصطكّ
هلاكي ألا يجد صغاري
الدفء الآن
ولا أكثر
دفئاً
ورغيفاً
وحليباً
تهذي المرأة
هب يا رب صغاري هذا
وأذقني موتاً أكبر
ولأتعذب
وليتثلّج قلبي
فوق الأرض القاسية
وراء الأسلاك
وأقسم بأنّي جاهزة
لملاقاتك
بشفاه جامدة
أتوسّل
كي تمنحني القدرة
لأخفّف روع الأطفال
وأنا أتجرد من أسمالي
في معركة النفس الأقصر
أقول:
لتأخذ صيحات الموضة جلدي
ولتمنحي ثوب فراء...
ولتستخرج مجموعات النفط دمائي
وتهبني ليترَ سبيرتو
ولينهب عظمي أبناء قبائل هذي المنطقة
قطاع الطرق
مقابل شعلة نار
لحمي لذئاب الصحراء
لأعرف كيف أقدم مثل اللبؤة
إغراء الخائفة إلى المنتهزِ
■ ■ ■
صغاري...
تقول السيدة الجامدة
وهي ترتعد
يمكنني أن أكنّس آلاف الكيلومترات
نظير وقود يلزمني الآن
وأحرث مئات الأفدنة
مقابل جذعٍ
أصنع لصغار العالم حلوى
ولآخذ طبق حساء
أمسح أدراج الناطحة درجاً درجاً
مقابل جحرٍ حتى تأتي الشمس
وأرجع دون الحاجة إلى بلاد قاسية
وجدار صلد
حراس حدودٍ لا يدرون
اللغة البشتونية
ولا يثقون بقلب الأم
أعدني يا رب
أعد أطفالي
وليأخذني «جند الله» ضمن سباياهم
الموت هنا... الموت هناك
والرحلة بينهما موت أقسى
فيه صغارك يتدثّر كل منهم
بالآخر
يتقابل دفء بخار الأول
وبخار الثاني
وأنا أتجمّد
أحلم بورودٍ يزرعها أطفالي في قبري
بحقول خضراء
بيتٍ يتربى فيه الأحفاد
وينسى أبنائي هذا الوقت الصعب
كن معهم يا رب...

3. «وفق رويترز...»: (رضيع أعطاه والده لجندي أميركي في مطار حامد كرزاي ضمن فوضى انسحاب الأميركيين)

هذا يوم الحشر
يوم تكلّم من في المهد
رضيعاً
يوم يفر المرء
يفر أبوك...
وإخوتك
وأمّك
ينسَوْنكَ جميعاً
يُلقيك الجندي هو الآخر
ويفرّ سريعاً
هنا يتكلم من في المهد؟
نعم يتكلم
من هول الحاصل
يصرخ بجوار البوابة
يخشى أن يندهس
إذْ لا يكفي صوت الوأوأة
حين قطيع الناس
يدوس قطيعاً
في يوم الحشر
يوم يفرّ المرء
ليلحق آخر طائرة
بمطار كرزاي
تقول وكالات الأنباء
والطائرة بيونغ «سفينة نوح»
ترحل قبل قيامة هذا البلد
وتبعث في الجهة الأخرى من هذا العالم
صراط يمتدّ رفيعاً
يمتد لآلاف الكيلومترات
علينا أن نتقرفص فيه
وننسى أن رضيعاً
ألقاه الجندي وهرب
يصير المرء وضيعاً
حين يكون الموت على مقربة
لكني لستُ الابن العاق لنوح
ولم ألتمس القمم العالية لتورا بورا
لم أتقلّد زي «الطالبان»
ولا أتبع «القاعدة»
وأمسك غرينوفاً روسياً
لأكون ضحية هذا العبث
أكون يسوعاً
بجوار البوابة
يتكلم في المهدِ
ولكن لا يسمعه الناس
كأنّ المعجزة اختارت أن يخمدها الحظ العثر
وتأبى أن تكتمل
جوار سياج مطارٍ كرزاي
العالم مشغولٌ بالفوضى
من يشغله الطفل سهيل
وليد الحارس ميرزا
ابن السيدة ثريا أمّ الأطفال الأربعة
الهاربة من المجهول إلى مجهول
النازفة دموعاً
ندماً
في الطائرة
وأبٌ خرّ صريعاً
كيف ائتمن الجندي الأميركي
وصدق هذا الأمل الكاذب
وأبرم صفقة شرف عند سياج مطار كرزاي
يوم الحشر
يوم يفرّ المرء
ويوم تكلم من في المهد
بهول الحاصلِ
- ملحوظة: الأسرة وصلت إلى الولايات المتحدة والطفل عثر عليه سائق تاكسي حيث تعلم أولى الخطوات في كابول بصفة رضيع آخر... حتى اليوم الرابع عشر من كانون الثاني (يناير) من عام 2022 لم يلتمّ الشمل بين الوالد ميرزا والسيدة ثريا والطفل سهيل)

* القاهرة/مصر