(وكالة «غيتي»)
وقد عاين صاحبه «النشوء المتعثّر لمفاهيم مثل الشعب والوطن والمواطنة والمعاصرة والحداثة، وبروز حركة ثقافية وفنية» قوامها المهمّشون والعصاميّون أسّسوا الصالونات الأدبية وجددوا اللغة العربية، واستكشفوا أجناساً وأشكالاً وممارسات تعبيرية جديدة كالسخرية، والكاريكاتور، والصعلكة الفنية. يبدأ الكتاب المقسّم إلى خمسة أبواب، بتحديد الموقع الجغرافي وتناول بعض الأماكن والقرى والمدن مثل «قصور الساف» في الساحل التونسي، و«بوسعادة» في الجزائر، و«سوق الأربعاء» في المغرب، وبعض الأحياء كـ «نهج الباشا» في العاصمة التونسية و«حيّ لافيريار» في العاصمة الجزائرية. اهتم بيرك بالقرى البربرية والأندلسية والقبائل، وعاد إلى ابن خلدون مدوّناً التحوّلات الكبرى التي شهدتها المجتمعات المغاربية خلال مرحلة الاستعمار الفرنسي، الذي كان وراء تحديث هذه المجتمعات التي تحوّلت من علاقات القبائل والقرى الصغيرة إلى علاقات المدن. وبالتالي، أدّى ذلك إلى تغيّر النسيج الاجتماعي وظهور فاعلين جدد وسلوكيات جديدة وفضاءات لم تكن تعرفها هذه المجتمعات مثل المقهى والحانة. جاك بيرك المولود في الجزائر، تخصّص في الدراسات العربية والإسلامية، ونقل تراث العرب إلى لغة موليير. تخطّت مؤلفاته العشرين على رأسها ترجمة القرآن والمعلّقات العشر، إلى جانب دفاعه عن نضال المغرب الكبير في التحرر من نير الاستعمار، ومناهضته لـ «الاستعمار الصهيوني لفلسطين» كما كان يسمّيه. وصف نفسه مرةً: «لست مؤرخاً ولا رحّالة أو حتى مستعرباً، أنا أرفض كل هذه التوصيفات. كل ما هنالك، أني وقعت يوماً في حبّ منطقة وشعوبها وتاريخها، ورحت أحاول دراستها».