كلماتي لا تنتشر في هذا المكان المُفرغ من المحبّةِوإن تجاوزَ صوتي المُتهَدّج جغرافيته فإنه لا يتعدى
باب منزلي الصّغير الحزين
تترقرقُ الدّموع في عينيَّ كشرارةِ النّار
أو مثلما تساورني طفولتي
كي تسألَ عن الأُغنيات العتيقة،
وتتأكدَ من توسّدها الأشعار المُعتمة

رونيه روميرو شولر ـ «شاطئ» (زيت على كانفاس ــ 2022)

من استمرار رنينها في ذهني الفاني
أو خلال الأصوات المنزليّة المُفزعة
حبستُ نفسي في روائع الماضيّ
لعلَّها تعود لأركضَ في حدائقها وأنتظر الحنان!
أتخلّصُ من الحقيقة الثّابتة أمامَ عينيَّ
حقيقة أن الآخرين يكرهونني
الموت هو ما يناسبني
ولن يحبَّني أحدٌ أو ينتظرَني غيره.
■ ■ ■
كلماتي بحاجةٍ إلى الخروج من حجرتِها
لكنها لا تصل إلى المدفأةِ في الغرفةِ المُجاورة
كطائرٍ صغيرٍ فقدَ قدرته وصوته المُنطلق
بعدَ إبعادهِ عن حجرهِ الجميل
وإذا وصلت الكلماتُ في يومٍ من الأيّام
فإن الحمقى يتجنبونها
كما تتجنبني الشّمسُ عندما تشرق على الجميع
يتطلّعُ صوتي إلى مَن يتعاطف معهُ!
أريدُ محو الأصوات النّشاز الأعلى منهُ
أمحوها من ذاكرتي، من البيت، من الحي
وتحديداً من ضيق أَسرّتي.
■ ■ ■
رُبَّما سأرميها في البحار، في العواصف القادمة الهوجاء
في الغابات البريّة المُماثلة لها ورُبَّما في المُستنقعات
لا يهمّ كيف أنتزعها من أيَّامي
بل كيف أتخلّص من الآلام المُقدّسة التي تُسببها
حيث أسيرُ في المدن وأنا مُجرّدةٌ من آثارها
راغبةً أن أكونَ وحيدةً مُشردةً
بلا أصواتهم، بلا رنين الصّاعقات الغريبات
ولا أتعرف على ملامح منزلي بعدَ ذلكَ
مثل مَن يمشي، يمشي ويدخِّنُ
يدخِّن بحجمِ العشرين سنة، الرّاحلات من العُمرِ
هذهِ هي الطريقة التي يدخّن بها
لا أدري إلى متى يمكن أن تدومَ سيجارتهُ
لكن هذهِ هي الطّريقة التي سيدخّن بِها، أي بعددِ اغترابه
ثُمَّ بالدّخان يمحو نفسه.

(*) الكوفة/ العراق