جاك دريدا

يرفض الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا (1930 ـ 2004) الفكر الذي يوافق دوماً على جميع الطروحات الفلسفية السابقة والمُكرّسة، ويعتبره فكراً سلبيّاً قانعاً بإنجازاته ومتكاسلاً عن النقد البنّاء. في «أن تُفكر: أن تقول لا» الذي انتقل أخيراً إلى المكتبة العربية (دار الساقي» ـ ترجمة جلال بدلة)، يرى دريدا أنّ الفكر الحقيقي هو ذاك الفكر القلق النهِم الذي لا يؤمن بسهولة بالمفاهيم والمعتقدات المترّسخة في الثّقافة والمجتمع. يقترح الفيلسوف أن «قول لا» يمكن أن يكون أكثر إيجابية بكثير من «قول نعم» ويدعو القارئ إلى التفكير بشكل نقدي والتشكيك في ثوابت الأفكار على أمل الوصول إلى الحقيقة. يستكشف العلاقة بين اللُّغة والتفكير، ويؤكد أنّ اللُّغة ليست مجرد وسيلة للتعبير عن الأفكار فحسب، بل تُشكّل عالمنا وتتحكم بكيفية تفكيرنا وتلعب دوراً أساسياً في بناء الثقافة والمجتمع. يُعدّ هذا الكتاب مقدِّمة قصيرة لكن فلسفية عميقة لفكر دريدا، وفرصة جيِّدة لفهم أفكار صاحب النّظريّة التّفكيكيّة.

سامي البدري


يتصدّى كتاب «الموت والزمن الذاتي ــ البحث عن أدوات بحث جديدة» (شركة المطبوعات للتوزيع والنشر)، لإعادة توجيه الجهد الفلسفي لقضية الموت، باعتبار أنّ معضلة الموت تمثل الجانب الأكثر إشكالية التي كان يجب أن تدرسها الفلسفة بكل مدارسها. يقول المؤلف العراقي سامي البدري في مقدمة الكتاب: «بالنسبة إلى الإنسان، ككيان ووجود ذاتي فاعل، يمثل الموت عملية اعتداء همجية لا تملك مبرراتها على كيانه ووجوده، وعليه يجب أن لا يصار بخبطة الموت المهينة، الموت المتداول كموت أي حشرة أو عظاءة أو كلب سائب. فقناعة الإنسان الفكرية والحسية أنه وجد هنا ليعيش لا ليموت، فلمَ يأتي الموت ليحيله إلى مجرد جثة، سريعة التفسّخ، من دون أن يقدّم له مبررات مقنعة على أقل تقدير؟» يقترح الكاتب مجموعة وسائل وطرق بحث فلسفي للنظر في هذه الإشكالية وزوايا نظر عامة وخاصة لجوانب هذه الرؤية.

فيصل جلول


يُقدّم كتاب «غيض من فيض يمنيات علي سالم البيض» («دار زمكان» في بيروت) للباحث اللبناني فيصل جلّول رواية مُفصّلة لدور الرئيس علي سالم البيض في التّاريخ السّياسيّ المعاصر لليمن. يستعرض الكتاب مشاركة علي سالم البيض في حركة القوميين العرب والجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل، ودوره في إسقاط السلطنات البريطانية التي استمرت بين عامَي 1839 و1967. شغل البيض عدّة مناصب حزبية وحكومية رفيعة بعد الاستقلال، بما في ذلك وزارتي الدّفاع والخارجية، وصولاً إلى الأمانة العامة للحزب الحاكم. قام البيض باتخاذ قرارات مُؤثرة في مستقبل بلاده من خلال مناصبه المختلفة، بما في ذلك تحقيق الوحدة المشتركة مع شمال اليمن، وبعد أربع سنوات، الاعتزال والمُطالبة بالعودة إلى نظام الدّولتين بعد فشل تجربة الوحدة. يضمُّ الكتاب أيضاً مُلخصاً لسيرة البيض في القرنين العشرين والحادي والعشرين.

أشرف العشماوي


يعود الكاتب المصري أشرف العشماوي في روايته «السرعة القصوى صفر» (الدار المصرية اللبنانية) إلى فترة ما قبل ثورة يوليو الشهير بقيادة جمال عبد الناصر. تدور أحداث الرواية في حي غاردن سيتي في القاهرة، حيث عاشت أسرة مصرية لسنوات طويلة تحت ظل الحكم الملكي قبل أن تقع ثورة الضباط الأحرار التي أثرت على حياة أفراد العائلة واستمرت تبِعاتها لسنوات عديدة. تتشابك مصائر الشّخصيات المُركّبة على صفحات الرواية، فتحصل أحداث غريبة تمتد حتى النهاية. بين الواقع والخيال، يبرع أشرف العشماوي في ربط خيوط القصة ويصوغ فصولها بتدرج، حيث يروي لنا قصص الطفولة والحب والمغامرة والهروب والجريمة والمؤامرة وصراعات السّياسة مع السّلطة الدينيّة، من خلال تصوير دقيق لمجتمع اندثر منذ سنوات بعيدة ولكنه ما زال حيّاً في ذاكرة الكثير من الناس.

هاري . جي جنسلر


يطرح الباحث الأميركي هاري جي. جنسلر في كتابه «الأخلاق والدين» (2016) الصادر أخيراً بترجمته العربية عن «دار الرافدين» (ترجمة رعد زامل) مسألة مصدر الأخلاق. يتناول الكتاب اعتراضات الملحدين على أسس الإيمان بالله، ويُركز على الرؤية التي يتبناها الملاحدة فيما يتعلق بالأخلاق. يُقدّم الكتاب بجدارة حججاً دفاعية للإيمان بالله، استناداً إلى تلك الاعتراضات. ويتطرّق كذلك إلى مواضيع تتعلق بالتفكير العملي والقاعدة الذهبية ويناقش أيضاً قضايا الأخلاق وعملية النشوء والارتقاء ومشكلة الشّر وأهمية الموالفة الدقيقة. يُشدّد الكتاب على القاعدة الذهبيّة التي تقول «عامل الناس بما تحب أن يعاملوك» ويعتبرها مرجعاً مشتركاً لجميع الأديان العالمية، فهي تُمثل الأساس الذي تستند إليه تعاليمها. ويُعتبر الالتزام بالقاعدة الذهبية عنصراً أساسياً للسّلام والتّعايش الإنسانيّ السلميّ في المجتمعات المتعددة الثقافات.

الحبيب السالمي


«أمام أوّل عمارة يقف رجل يعتمر قبّعة ويضـع نظّارة سوداء. حالما رآني أخذ يسير صوبي بخطوات سريعة. ولم أدرك أنه عبد الله حارس المجمّع إلا حين نزع نظّارته وصار قريباً مني. لم أكن أنتظر أن يكون هناك لاستقبالي بالرغم من أني أعرف أنه متشوّق للقائي بعد غياب طويل. اثنا عشر عاماً كاملة وقعت فيها أحداث كثيرة أهمّها بالطبع الثورة التي مرّت الذكرى العاشرة لقيامها قبل فترة قصيرة». تتمحور رواية التونسي الحبيب السالمي الجديدة «عطلة في حي النور» (دار الآداب ـ بيروت) حول ثلاثة أشخاص: حارس عمارة يدعى عبدالله، صحافية مُطلّقة، وشاب مغامر مهووس بتربية الكلاب. يتعرف القراء إلى هؤلاء الشخصيات في «حي النور»، الواقع في ضواحي العاصمة، حيث استأجر الشاب شقة مفروشة لقضاء عطلة الصيف. تستكشف الرواية التحوّلات الاجتماعية والاقتصادية والسّياسية التي شهدتها تونس بعد الثّورة، وتأثيراتها على النفوس وتداعياتها في مجتمع متعثّر ومشوش، حيث تتلاقى مفاهيم وقيم متناقضة.