الزهرة التي كانت زرّاً صغيراً‏تفتحت في غيابي
‏ككلّ الأشياء التي حين أتركها
تأتي إليّ
■ ■ ■
حين أفرح بزهرة في حديقتي
فأنا أفرح بزهور العالم كلّه
حين أحبك
أحب الناس جميعاً
أنا متعبة

كاسبر كوفالسكي ـــ «خريف 76» (طباعة صبغية أرشيفية على المنيوم ــــ 60 × 45 × 0.5 سنتم ـــ 2020)


وهذا العالم الكبير صار ضيقاً
لم يعد لديّ ما يهمني هنا
سوى الأزهار
والحب
■ ■ ■
لا أشعر بأنني ثابتة
إلا حين يهتزّ قلبي
قلبي زهرة ماتت في الليل
وأنا ظل نحيل
يتأرجح على الحائط المتصدّع
الذي عربشت عليه
أغصان الغاردينيا والورد
■ ■ ■
تريد أن تقول زهرة
فتقول: هشاشة
تريد أن تقول حب
فتقول: ألم
كل شيء أزرق
حتى الزهرة التي تفتحت وحدها
على كعب الشجرة الكبيرة
هل كانت زرقاء حقاً؟
أم أن الهشاشة تصيب نظرتك للأشياء
حين تغمرك الوحدة
كموجة رقيقة متواصلة؟
هل اعتدت الألم حقاً؟
وذاك السكين
ما زال يحزُّ
دوماً
الندبة نفسها
في قلبك المزرقّ بالخيبات؟
■ ■ ■
زهرة بنفسجية
نبتت بين شقوق حجر
يقولون: الزهرة متعطّشة للحياة
من يفكّر بوجع الحجر
حين جرحت جموده
زهرة؟
من يفكر بالقصب
حين يعزف الناي؟
من يفكر بالشجرة
حين يكتب نصاً جميلاً؟
«الجمال أبقى من الوجع»
هذا ما يهمسه لي الشِّعر
كلما امتص وجعي
كوحش صغير
اعتدتُ كيف تتحوّل سكاكينه في جلدي
إلى زهور
■ ■ ■
لطالما انتصر الجفاف على الورد
جربْنا اللين
فذوبنا العالم
غمّسَنا بمائه المغلي
جفّفنا بين صفحات كتابه الصفراء
«أيتها الوردة التي ترتجف في الريح
متى نجرّب القسوة؟
أنا مثلك
فمي ممتلئ بالماء
وقلبي ممتلئ بالعطر
وأذرعي تهتزُّ وتسقط
وأريد أن أصمد
أمام مطرقة العالم الخشبية
دون أن أتحوّل إلى وتد في الأرض»

نامي بسلام
أيتها الوردة التي
كانت
ترتجف في الريح.
■ ■ ■
كل شيء ساكن في الحديقة
وأنت وحدك
حتى حين تحيط نفسك بالزهور والكتب
وفناجين القهوة التي رسم عليها
الأمير الصغير
وليل فان غوخ المرصّع بالنجوم
وحتى حين تصعد ضحكات الأطفال مع الشتلات الخضراء
نحو الشمس
أنت وحدك
والغربة تقطن في مكان مقفر من صدرك
حيث لا يصل شيء
إلا ساكسوفون ينتحب في مقطوعة جاز قديمة
أو عود مترفّع
كحزنك
كلما تركك الشِّعر وحيداً
فأنت لم تعد تبكي
أنت تكتب فقط…
كل شيء ساكن
حتى حين تحيطك الزهور والضحكات والقصائد والموسيقى
لكن الشحرور الأسود مستمر في الغناء على الغصن
ورائحة الخشب المحترق في مواقد البيوت
تمتزج برطوبة الهواء برقّة
وأنت هنا منذ ساعات
لا تفعل شيئاً
جالساً في أرجوحة
أزيزها يغمد الملل في جسد الوقت المترهّل
لكنك حتى حين لا تفعل شيئاً
تفعل هذا بشكل متقن
كزهرة نبتت في جلد الزمن
بلا قصد بلا هدف
حتى حين لا يحدث شيء
تحدث في داخلك أشياء
زهور تتفتح وتموت
وأنت تنتظر
متى ستتحوّل الزهرة البيضاء في الشجيرة الصغيرة
إلى برتقالة
تتمناها زرقاء
كأرض بول إيلوار البعيدة.

* لبنان