أوليفييه روا

يُؤكد الكاتب والمفكر الفرنسي أوليفييه روا في كتابه «تسطيح العالم... أزمة الثقافة وسطوة القواعد والمعايير» (2022) الصادر حديثاً عن «دار الساقي» (ترجمة بديعة بوليلة) أنّ العولمة والنيوليبرالية والفردية والتكنولوجيا الحديثة تُشكِّل خطراً على مفهوم الثقافة نفسه. يعتقد الباحث أنّ العديد من المواضيع ترتبط ببعضها في عالمنا المعاصر، فنجد مثلاً مفهوم الهويّات المحلية مقابل النزعة الكونية، والجندرة مقابل الجنس، والجمهورية مقابل الجماعوية، والعنصرية مقابل التسامح، والنسوية مقابل النزعة الذكورية، والهجرة مقابل التمركز المحلي. تحمل هذه المواضيع تأثيرات سياسية قوية، لكن روا يُشكّك في فكرة وجود حرب ثقافية أو صراع قيّم. من وجهة نظره، ما يعانيه العالم اليوم هو تضييق مفهوم الثقافة نفسه، و اختزاله بمجموعة من الرموز المعينة التي تستولي على المدارس والجامعات والمطابخ، وتتسلل إلى معارك الهويّات والديانات، وتصبح حتى مشاعرنا محدودة برموز تعبيرية. يقدِّم روا تحليلاً شاملاً لمسألة التجريد الثقافي العالمي، مستعرضاً آلياته وتأثيراته المتضاربة.

حنين الصايغ


تُحاول حنين الصايغ في روايتها «ميثاق النساء» (دار الآداب) الغوص في المجتمع الدرزي المعاصر وتفكيكه اجتماعياً ودينياً وأسطورياً. تعيش بطلة الرواية أمل بو نمر حياة محدودة بين أسوار الخوف والعجز، في قريتها الدرزية الساكنة على سفوح جبال لبنان، وتتهرب من واقعها المُملّ والسطحي من خلال توجهها نحو التدين والعزلة. يُمسك الأب، الذي يمثل فئة المشايخ ويُزاول حرفة الحدادة ببراعة، بزمام الأمور داخل دائرة الأسرة، حيث تتحوّل مطرقته إلى وسيلة لتشكيل مستقبل بناته الأربع وتوجيه خياراتهن وفقاً لخيوط عالمه المحدود. يتعارض التزام والدَي أمل بالعقائد الدينية مع رغبتها في إكمال دراستها والحصول على شهادة في الجامعة الأميركية في بيروت. هنا، تنبثق تساؤلات حياتية معقدة ومتشابكة، تحتاج أمل إلى مواجهتها بشجاعة واتخاذ القرار المناسب. «ميثاق النساء» رواية عن الحرية بمعناها الأكبر، وعن الأمومة كورطة وفرصة، وعن الحبّ الذي يتخطّى الحدود الجغرافية والدينية والثقافية.

عبد الحسن الحسيني


يتناول عبد الحسن الحسيني في الجزء الأول من كتابه «مستقبل البشرية» (الدار العربية للعلوم ناشرون) موضوع نشأة الوجود وظهور الحياة الإنسانية. يشرح الباحث اللبناني بإسهاب عن ماضي البشرية وتاريخ تطورها وصولاً إلى المستقبل. يقول إنّ البشرية نشأت من العدم عبر مسار طويل مليء بالألغاز والقوانين الفيزيائية والتفاعلات الكيميائية، أدّى إلى تشكيل الكون والمادة والطاقة والزمن، ومهّد لانبثاق ظروف حياة مناسبة للإنسان على الأرض. مع الوقت، تغيّرت الحياة وتطوّرت الهياكل العضوية والعقل، وتشكّلت تجمعات بشرية. يتحدث الكاتب أيضاً عن صراعات البشرية منذ بدء الخليقة بين الخير والشر، والتطورات الثقافية والدينية والسياسية، ويُشدِّد على ضرورة استخدام العقل لتوجيه الاعتقادات والأفكار لخدمة الإنسانية بعيداً من العنصرية والتعصب الأعمى. وأخيراً، يُؤكد أنّ تطلعات الإنسان نحو العظمة وتجاوز القيود والسعي للحصول على قدرات استثنائية بواسطة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة قد تُهدّد البشرية بأجمعها.

نجاة عبد الصمد


تنقسم رواية «خيط البندول» (دار هاشيت نوفل) للكاتبة السورية نجاة عبد الصمد إلى ثلاثة أجزاء تُغطي فترات زمنية مختلفة. تبدأ الرواية بتقديم الشخصيات، حيث يتخرج أسامة كطبيب بتشجيع من زوجته نداء، ويعيشان حياة هادئة ومستقرة في بلدة زعفران السورية. لكن لا تلبث أن تتدهور أوضاعهما بعد عودة أسامة من الخدمة العسكرية واكتشاف نداء أنها لا تستطيع الإنجاب. وهنا تبدأ رحلة نداء في سبيل الحصول على الحمل عبر طرق طبية حديثة لتحقيق حلمها بالأمومة من دون جدوى. تُضيء الرواية أيضاً على مجموعة أخرى من الشخصيات الجانبية، مثل أدهم وفريدة ووردة وترصد تجاربهم المختلفة وتأثيرهم على حياة الشخصيات الرئيسية. تدمج الكاتبة موضوعات الطب والحب والحياة اليومية في قالب واحد، ما يعكس تعددية الأوجه في الحياة وتعقيداتها المختلفة. «خيط البندول» تبحث في مفهوم الحياة والموت، وتُوغل في تفاصيل المجتمع السوري، بارتكازها إلى حبكة سردية تبيّن الفروقات الاجتماعية بين الطبقات في سوريا منذ التسعينيات حتى أيامنا هذه.

أريج السويلم


لا تزال السعادة غاية الإنسان مهما امتد الزمن، والحنين إلى السعادة التي عاشها آدم وحواء في الجنة قبل أن يتناولا من الشجرة المحرمة ويهبطا إلى الأرض لا يزال حاضراً في مخيلة البشر. منذ تلك اللحظة التي لا تُنسى، أصبح السعي للحياة السعيدة جزءاً لا يتجزأ من الوجود اليومي للإنسان. من هنا أتت دراسة الكاتبة والأكاديمية السعودية أريج السويلم «السعادة في المُتخيّل الأدبي» الصادرة عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» لتسائل مفهوم السعادة، في محاولة لاستشفاف تصوّر للهناء والسرور في المتخيّل الأدبي، وضبط أصوله وأسسه؛ لفهم الآليات والمُضمرات والرموز ووظائفها، وصولاً إلى الكيفيّة التي تعمل بها هذه النصوص في تكوين السعادة، قيمة ومعنى ورمزاً. تلجأ الباحثة إلى تفكيك خطاب السعادة في نماذج من النثر العربي القديم، والنظر في خصائص ذلك الخطاب وكيفية تشكّله، وتحليل اللغة الواصفة التي يُبلورها خطاب السعادة، رموزاً وأيقونات، والبحث في المنطق الذي يحكم العيش السعيد.

وفاء شاهر داري


يهدف «صورة البطل في قصص أطفال فلسطين» للناقدة والأكاديمية الفلسطينية وفاء شاهر داري (مؤسسة شمس للنشر والإعلام) إلى إلقاء الضوء على النِتاج الأدبي الذي خطَّته أقلام الكُتَّاب الفلسطينيين ممن كتبوا عن أدب الطفل، وصوَّروا حياة الطفل الفلسطيني في الهجرة والتشرد، ومعاناته تحت الاحتلال، والآثار المترتبة عن ذلك من سِجن وشهادة وفقر وحرمان. تبحث هذه الدراسة في جانبين: نظري وتطبيقي، فالنظري تناول تطور أدب الأطفال العربي في السنوات الأخيرة، أما التطبيقي فقد اهتم بتحليل النصوص المختلفة سواء كانت نثرية أم شعرية، بهدف تبيان صورة البطل والكشف عن مكنوناتها. يتضمن الكتاب مقدمة، ومدخلاً، وفصلين موسَّعين، وخاتمة. يتناول المدخل تحديد مصطلحات البحث حول أدب الأطفال عامّة وأدب الأطفال في الداخل الفلسطيني واتجاهاته. تختم الباحثة دراستها بالنتائج التي توصلت إليها، ومن أهمها الدور الذي تلعبه قصة الأطفال في تنمية وتثبيت الانتماء الوطني، وتعميق الهوية السياسية المقاومة لدى الطفل.