عقل العويط

يركز كتاب «السيد كوبر وتابعه» (هاشيت/ نوفل) للكاتب والشاعر اللبناني عقل العويط على العلاقة غير الاعتيادية بين الشاعر وكلبه الذي يحمل اسم «السيد كوبر». يصف الكتاب سنوات من الحياة المشتركة بين الشاعر وحيوانه الأليف، وخصوصاً بعدما استقال من معاشرة الكائنات البشرية الاجتماعية، وانصرف إلى عزلة شبه شاملة وإلى محاورة الوجود والعدم والشعر في عينَي كائنه الداجن الصامت السيد كوبر. يرتبط الكتاب أيضاً بالأحداث والشقاء في لبنان، ويعكس حياة الفرد في مواجهة الصعوبات والأزمات اللبنانية التي لا تنتهي. يُمكن اعتبار «السيد كوبر وتابعه» شهادة عن العزلة والألم، حيث يتناول العويط لحظات مصيرية من تاريخ لبنان المعاصر، بما في ذلك أحداث 17 تشرين الأول عام 2019، وانتشار وباء كوفيد-19 وانفجار بيروت في آب 2020. يُقدّم الكتاب نظرة عميقة على العلاقة بين الإنسان والحيوان وكيف يمكن أن تكون مصدراً للعزلة والتأمل والفهم الفلسفي العميق للوجود.

أسية وعيل


الحروف المُقطّعة هي حروف تبتدئ بها بعض سور القرآن، وقد افتُتحت بها 29 سورةً من سُوَر القرآن. تؤكد الباحثة في الدراسات الإنسانية والكاتبة الجزائرية أسية وعيل في الجزء الأول من كتابها «الحروف المُقطّعة في القرآن: مفاتيح هندسة الكون والإنسان» (دار الساقي) أنّ أسلوب القرآن يتميّز بلغة رمزية تحتاج إلى منهجية تأويلية جديدة لتفكيكها. يقدّم الكتاب هذه المنهجية اعتماداً على آخر ما توصّلت إليه علوم اللسانيات الحديثة التي يُعتبر العالم اللغوي فردينان دو سوسور من أهم مؤسسيها. يعرض الكتاب قضية الرمزية في الحضارات القديمة ومدى ارتباط ما ورد في القرآن بها، ويخوض في لغته الرمزيّة، كاشفاً أن الحروف المقطّعة هي علامات القرآن الهادية برمزيتها إلى ما تخفيه نصوصه من أسرار. تحيط هذه المقاربة المتعددة التخصصات بكم هائل من المعطيات العلمية وتقارنها بحقول دلالات الرموز لفهمها فهماً عملياً وإضافة دلالة معرفية جديدة تتيح للعلم بأن يتطوّر في ضوئها.

عامر طهبوب


جزيرة سقطرى في اليمن، أو سوكوترا أغرب وأجمل جزيرة في العالم، يُشار إليها أحياناً باسم «جزر غالاباغوس المحيط الهندي». سقطرى جزيرة معزولة عن بقية العالم، تقع على المحيط الهندي قبالة سواحل القرن الأفريقي بالقرب من خليج عدن. جاء كتاب «سقطرى: أسرار العزلة» (المؤسسة العربية للدراسات والنشر) ليغطي جزءاً من النقص في المكتبة العربية عن هذه الجزيرة العربية المنسيّة. وما يميّز كتاب الباحث والروائي الأردني عامر طهبوب أنه كُتب بحب، وعشق، وشغف واضح منذ سطره الأول، حتى آخر عبارة فيه· يُقدّم طهبوب للقراء وجبة معرفية دسمة عن جزيرة ليست كبقية جزر البحار والمحيطات، فسقطرى «جزيرة السعادة»، أقرب لكونها أعجوبة من عجائب الطبيعة. أنصف الكاتب سقطرى، بنص مرجعي وثائقي آسر، يتميز بسرديّة متدفقة، ومعلومات غزيرة تحاول تفكيك شيفرة عزلتها الغامضة. يريد طهبوب من هذا الكتاب أن يثير شهية حب الاستكشاف والفضول لدى السائح العربي، ويدفعه للقيام بمغامرة مختلفة.

محمد الحجيري


يُقدّم محمد الحجيري في رواية «السندباد الأحمر» (منشورات رامينا ــ لندن) صوراً ومفارقات من التاريخ والواقع عبر شخصية بطله الفوضويّ الرومانسيّ عبد الجبار، فيُعيد رسم ملامح مراحل تاريخية سابقة من دون تجميل أو ترقيع أو محاكمة، ويغوص عميقاً في النفس البشرية لكشف زيف الشعارات السياسية ووهم البطولات الخائبة. يصوغ الروائي والصحافي اللبناني كلمات بطله عبد الجبار بألوان متنوعة تتجلى فيها مشاعر متناقضة، فهو ليس مجرد شخصية واحدة، بل شخصيات عدّة يتجسد فيها مزيج من الألم والسياسة والحبّ والفوضى والخيبة والرجاء. عبد الجبار، هذا الشخص الفريد، يمتلك في داخله عوالم متعددة، ويجمع بين طابع شخصية «زوربا» وروح «دون كيشوت»، بالإضافة إلى لمسة لبنانية خاصة تميّزه عن الآخرين. يمرّ عبد الجبار بتجارب متعددة في حياته، يتنقل بين لحظات الأمل والخيبة، حاملاً داخله قلباً ينبض بالحب والشغف.

عارف حجاوي


يتنقل كتاب الإعلامي والكاتب الفلسطيني المعروف عارف حجاوي «أنا البحر... لآلئ العربية وأصدافها» (دار وجوه ــ الرياض) برشاقة بين طرائف اللغة العربية وأصول كلماتها. يتناول الأخطاء الشائعة، ليُرينا كم ضلّت كلماتنا وجملنا عن أصولها العربية، ويحدّد أوجه الصواب المختلفة، ويسرد مئات الكلمات الدخيلة، ويتناول الكلمات العاميّة ويردها إلى الفصحى أو يذكر في ما يقابلها في الفصحى. الكتاب رحلة في حاضر اللغة العربية وتاريخها، وهو عامر بالفكاهات والحكايات، نجد فيه الفارق بين السعي والسعاية، الهمز واللمز، الحمد والشكر، المبالغة والغلو ومئات التعابير المختلفة. يصحبنا حجاوي في بحر اللغة العربية الذي ليس له قرار بين حكايات تاريخية، ووقائع يومية طريفة، ورحلات عابرة للقارات والقوميات والأعراق، تقطعها الكلمات والعبارات لتكتسي معاني جديدة، أو تنزاح قليلاً لتزداد غنى في المبنى والمعنى، ولا يمتنع عن دوره كمعلم ينبهنا إلى الخطأ والصواب، ويعطينا حصصاً موجزة في النحو من دون تحميل الأجيال الشابة، عبئاً نحوياً تقعرياً ومفرطاً في تخصصه.

هاروكي موراكامي


يروي الكاتب الياباني الشهير هاروكي موراكامي في روايته «تسوكورو تازاكي عديم اللون وسنوات حجّه» (2013) التي انتقلت أخيراً إلى العربية (دار الآداب ـ ترجمة أحمد حسن المعيني) قصة خمسة أصدقاءٍ في المدرسة الثانويَّة، لا يكادون يفترقون. ويحدثُ أن يقرِّر هؤلاء الأصدقاء على حين فجأةٍ قطع صلتهم بصديقهم تسوكورو تازاكي نهائيّاً. هكذا يهيمُ تسوكورو المجروح في حياته، يحمل وِزراً لا يعرفه، ولا يستطيع حتى أن يتَّخذ أصدقاء مقرَّبين مرَّةً أخرى. غير أنّه يلتقي بعد سنواتٍ طويلةٍ شخصاً ينكأ ذلك الجرح القديم، ويحثّه على اكتشاف سبب تخلي أصدقائه عنه، وما حدث في تلك السنوات الضائعة. يبدأ تازاكي بعد ذلك في رحلة حج لمواجهتهم واحداً تلو الآخر في رحلة ستعيده إلى مدينته الأصلية ثم ترسله إلى الجانب الآخر من العالم. تتذبذب القصة بين الماضي والحاضر، وتنتقل المغامرة من اليابان إلى فنلندا، عبر تحقيق غني بالرمزية والألغاز والمشاعر، بحثاً عن ولادة جديدة تتجاوز الضعف الإنساني.