1- حظ المقامرذات يوم ستقول: «قد عشت!»،
وتقفز إلى الإسفلت
بملابس السباحة.

آلي هيلر ــ «كيفية محاربة الوحدة» (زيت على كتان ــ 35.5 × 30.5 سنتم ـــ 2018)


تجبر أحفادك على لعق جروحك،
كنوعٍ من الاستسلام للطفيليات،
والجينات الكسولة.

يمر الموت بأناقته؛
سمكة قرشٍ،
تقضم سرب أيامك.
تبدأ بقلبك
ثم الضوء الذي يغذي عينيك!

تشكر الحياة؛
لأنها أعدّت حقيبتك بما يلزم،
من غسول أسنانك،
حتى!
الأسى،
الذي تتعطر به،
قبل حضور الجنازات.

النعاس يتسلل إلى عظامك؛
ليس عليك أن تمشي إلى الموت،
بذهنٍ مرتب،
أو تستيقظ بآثار بلل في سروالك.
ليس عليك أن تبكي،
كنت غارقاً تحت أنفاسك؛
وحدتك متجر يبيع الذكريات،
قرب مقبرة.
وحدتُك؛
تاريخ سيء للنوم مع امرأة.
وحدتُك؛
بخلاف الرجال،
بُحَّةُ طميٍ، يحترق!

رغم الشقوق التي دعوتها،
إلى وجهك
تظل تتساءل:
هل كنت قبل ألف عام،
بزعانف زهرية،
وذيل قصير؟
أي حزن هذا،
الذي صنع منك رجلاً؟

كل شيء كان يقول:
«أنا هنا من أجلكَ!»؛
النكات التي تربي الدواجن،
على السخرة والفقد.
حقل الزجاج المنثور،
تحت قدميكَ،
إلى سريرك الأبدي.
دلو الغسيل الوسخ المدلوق،
بشتائمه فوق رأسك.
الحب الأعمى،
يمسك بلطة في أواخر حياتك،
يهذّب غصنك المتمرد،
وألف مئذنة تحجب السماء.

2- رجل عادي وكئيب
لست مطلياً بالدمامة،
ولا مطلوباً في قضية غامضة.
لست فريداً،
لتموت بحسرات حيكت لخاطرك،
عجوز،
زير نساء،
وبغيض على نحو يجعلك فاتناً.
رغم هذا تفتقد إلى امرأة،
حملت سكيناً ووصفات غوغل،
لتخرج شظية من قلبك.
وبعدما شفيت منك،
بحثت عن طرق مثلى؛
لقتلك ونسيانك.

متقاعد،
شحاذ،
وابن كلب في قصيدة أخرى؛
كل ما تؤمن به هو رغيف خبز،
تسميه؛ حصتك الرسمية،
قريتك الضائعة،
وإلهك الصغير،
الذي تتقاسمه مع أربعة آخرين.

لص،
محتال،
وكيس لحم،
في ثلاجة أحدهم؛
ينقصك، قميص بقلوب صغيرة،
غابة من الإسمنت،
بقع كثيفة من الاستعارات
على وجهك،
سيارة شرطة تشهق باسمك،
وجوع يكبل يديك،
ويسقطك من السماء السابعة.

خائف،
مسكين،
وحارس مرمى معتزل؛
أنت موتور آلة الزمن الهشة.
لا بيت ولا سماء تكفلك؛
ترفع طرف ملاءتك،
ولا تجد بحراً.
تربي الأسماك فوق المناشف،
وألواح الثلج تحت وسادتك،
تتسلق شجرة عائلتك؛
بحثاً عن إضاءة.
تزين صور أولادك بالتجاعيد،
وتضحك: رأيتكم تكبرون؛
ولا حيلة،
لمعالجة الكآبة.

تركت لك الحياة ابتسامة ضريح،
يتلقى الصلوات باكتراث ومحبة.
تكريماً لذكراك،
وضعوا إصبع ديناميت
فوق كعكة،
وكتبوا: هناك خسائر ممتعة.
على طريقة بروس ويلز؛
لا شيء يجعلنا،
نتقبّل المشاهد الدامية،
إلا الضحكات،
التي تغطي رائحة البارود.

3- عليك أن تثق بي
أعرف البيت من رائحة ضيوفه؛
أدرك أنني أسير داخل عظامك،
كما لو كنت ذلك الصمت اللعين،
الذي لا يجعلك تجلس مرتاحاً،
إلى امرأة سواي.

هكذا تحولت إلى أغنية، ثم طنين،
يشع من تحت عتبتك.
وقبل أمس،
كنت أظن أن وجهك،
يحدّج في الجدران
كرفقة سلاح بائسة،
غرقت تحت القصف.

الآن،
أدرك أنني أتعذب في جثة.

هذا نعاسك متروك بأرقه،
على سريري.
هذا وقت صراخ المنبه؛
ولا يد فارغة تكتم أنفاسه.
وهذا صباحك،
تناولته على مضض بشتائمه،
وصراخ بائع الخبز والفول.

صالح للحياة،
أو للسير خلف امرأة؛
لن تستطيع أن تبني لي مقبرة،
بدأت من فمك،
ثم تجاويف قلبك.

النوم الغارق في البلاهة،
كان لقدميك،
مشي،
مشي،
ثم وقوف أمام وردة؛
وتذكُّر! كيف كان طعمها السابق؟
خطرها المعطر؟
وماذا يفعل اسمها الناعم!
على أصابعك!

للخروج منك،
أو برفقتك؛
ماذا تفعل المسافات!
إلا أن تبقي الفريسة محاصرة،
والصياد في عطلة من الأمل.
يزيح الحشائش عن عينيه،
ويقرب الرصاصة من فمه.
يقرأ عليها أشواق وجبة كاملة،
يخفي في حُنْجرتِه،
قدراً من الخوف،
وأسماء توابله المحببة.

للخروج منك،
أو لصناعة فجوة في صدرك،
ماذا تفعل البنادق!
إلا أن تحطم حاجز الصمت،
في عظامك؟

4- قواعد اللعبة
لا تعرفين عن الحزن،
إلا الرائحة،
التي تسند قلبك،
كلما حاول الهروب مع رجل.

لا تعرفين عن الخوف،
سوى المشي برأس حجريّ،
والإزميل بأفكاره الباردة،
في يد شيخك أو والدك.

لا تعرفين عن نفسك،
غير وترٍ،
يسوق أصابعك إلى الكتابة،
كقطيع ذئاب يفتش عن الموت،
بأنياب فولاذية،
وعاطفة مأخوذة بميراث القمر،
من الشعر والغرق.

لا تعرفين عن أمك،
إلا المسافة إلى المرآة،
والوقت،
الذي يقفز بطفولته،
فوق الحبل السري للحياة،
وفقد يحتجب في كل صلاة.

لا تعرفين عن والدك،
سوى الطبقة العليا لصوته،
التي يربي فيها
برجيّ حمام،
وسكيناً.

لا تعرفين عن قدميك،
إلا الطريق،
الذي قاد الديناصورات،
إلى الانقراض.

لا تعرفين عن يديك،
سوى الكأس الملآن بالغواية؛
شوكة في منتصف خط العمر،
وأرشيف طويل
من حروق المصافحات.

لا تعرفين عن الإخلاص،
إلا الوحدة،
التي تنتظر قلبك الفارغ؛
لتؤنبه،
على حصيلته،
من الحكمة،
والبكاء.
لا تعرفين عن الابتسامة،
سوى الصمت،
الذي غمر العصافير،
قبل أن تنفلت،
زغاريد الرصاص،
من سجن البندقية.

لا تعرفين عن القسوة،
إلا اليد التي تحشو أضلعك،
بحكايات الفرار المبكر للدم،
والمخالب القابعة،
تحت،
سيرة الزفاف.

لا تعرفين عن حبيبك،
سوى الرقعة العمياء في وجهه،
التي يخبئ فيها عنكبوتَ،
جوعه ومهارته.

لا تعرفين عن الحب،
إلا العرق المالح،
الذي امتزج بريقه،
كما لو كان حضنه عجينة حلوة؛
شكلت ملايين النجمات.

وتعرفين كل شيء؛
عن وزنك الزائد،
رغماً عن أحلامك المفقودة.
وعينك، التي نزحت إلى السماء،
تقتات الدموع. 
* مصر