تعبتْ حرابْ....وبكتْ حرابْ
وجبين غزّةَ لا يهابْ
الجوع خلف مفارق الطرقات
يطرق كل بابْ

الموت يزأر، ينهش الآلاف
يبتلع الترابْ
وجبين غزَّةَ لا يهابْ
لا الليل أرهقها، ولا
أودى بها جوع الذئابْ
كالبحر، لو غرّقت فيه الموت،
يبلعه العباب
وجبين غزَّةَ لا يهابْ
عصبَتْه بالشمس الأكفُّ الحمر
واكتست السحاب
وجبين غزَّةَ لا يهابْ
وننام نحن وحولنا
صور الجواري والكلابْ
وصدورهم عَرِيَتْ فغطّتها
الجراحات الغضابْ
وجبين غزَّةَ لا يهابْ
وبلا رصاص قاتلت، وبلا دمٍ
وبلا ثيابْ
وجبين غزَّةَ لا يهابْ.

ليلى الشوا ــ «نحو التحرير» (ليتوغراف ــ 38 × 58 سنتم ـــ 1994) من سلسلة «جدران غزة 2»


سُحِقتْ حصون...
وهوت حصونْ
وجبين غزَّة لا يهون
النار تلتهم الزمان
وأهل غزّة صامدونْ
أشجارها الحمرُ العنيدة لا تلينْ
وقفت تحدّق كالرماح
تصدّ وجه الغاضبينْ
لتقُول من حجر البطولةِ
أنبِتتْ تلك الغصونْ
أشجار غزّة لا تهونْ
الموت يرقص والأباة
على العواصف يرقصونْ
جبلٌ يجن إذا استراح
تخاله جبل الجنونْ
وجبين غزَّة لا يهون
والعُرْبُ خارج غزَّة الحمراء
صفرٌ يطربون
يتخدّرون بأم كلثوم العظيمة يشربونْ
نخب المواويل العتاق
وحين تسكت يحزنونْ
العُرْبُ خارج غزَّة الحمراء
سود يكبرون
في الذلّ، في قصص «السلام»
وصوت غزَّة ينكرونْ
وجبين غزّة لا يهونَ.
تجّار غزَّة في المزاد
صمود غزّة يعرضون
وجبين غزة لا يهونْ
أحفاد يهوذا على أسوار غزّة يرقصونْ
والعُرْب خارج غزّة الحمراء بكمٌ ينظرون
فجر «السلام» وفي الأزقّةِ
يركضون، يفاوضونْ
وجبين غزّة لا يهونْ.
أطفال غزّة كالنبوءات الجريئة يلمعونْ
في الدمّ، في النابالم،
في اللجج المريعة يضحكونْ
يتساقطون، ومن رماد العبقريَّة يولدونْ
الموت لعبتهم فها هم
فوق كفّه يلعبونْ
الموت يخترق العيونْ
الموت يحصدهم
وتحصدهم ملايين السجونْ
وجبين غزّة لا يهونْ
وتراب غزّة صار عملاقاً
وصار الغاصبونْ
يخشون إصرار الترابِ
وحين يزأر يهربونْ
وجبين غزّة لا يهونْ
كتبت أصابع جرحها الغضبى على ذاك الجبينْ:
لا لن يموت اللاجئونْ
أطفال غزّة صامدونْ
أبطال غزّة صامدونْ
وجبين غزّة لا يهون

يا أمُّ لا تبكي، غداً سأعود
أبتكرُ الصباحْ
بيعي جدائلكِ الحزينةَ واشتري
لأخي سلاحْ
وغداً إذا حملتْ لك الأخبارَ
نادبةُ الرياحْ
ردّي الرياحَ وأسكتي الصوتَ
الممرّغَ بالجراحْ
بيعي بقايا ثوبكِ الزيتيّ
وامتشقي السلاحْ
فغداً نعود لأعين الأطفال
نبتكر الصباحْ
يا صوت غزّة مُرَّ في كلّ النوافذ والدروبْ
علّم نوافذنا صلاة النار
والجرح الغضوبْ
يا وجه غزَّةّ مُر في
كل المحاجر والقلوبْ
قسماتك الحمراء ملحمة الشعوبْ
يا وجه غزَّةّ، يا مسيح
ونحن مقبرة الذنوبْ
لولاك ما غُفِرتْ خطايانا
ولا كبر الصليبْ.

* 1973