خالد صاغيّة
لبنان أوّلاً. الاستثمارات أوّلاً. المحكمة الدولية أوّلاً.
لمَ لا؟ لقد تعب اللبنانيّون من العصف الإقليمي. أريحوا الأغنياء ليُريحوا الفقراء. أوقفوا الجرائم السياسيّة. برنامج عمل متكامل يحمله «تيّار المستقبل» وحلفاؤه في الأكثرية النيابية.
لعلّ إحدى مشكلات هذا البرنامج هي أنّ المعارضة اللبنانية تحمل ضمنياً رفضاً لاعتباره برنامجاً لعمل وطنيّ. الموالاة تشتكي ممّا تعتبره «تخويناً»، وهي محقّة في شكواها هذه. لكنّ ما تتجاهله هو أنّ مشكلتها الحقيقية مع نفسها، لا مع المعارضة. يصحّ ذلك أساساً على تيار المستقبل، وجزئياً على القوّات اللبنانية وأتباع النائب وليد جنبلاط.
فالقوّاتيّون يواجهون برودة مسيحيّة في التعاطي مع محكمة لم يؤدِّ الإصرار عليها إلا إلى مزيد من التفجيرات داخل مناطقهم. والجنبلاطيّون يعيشون فصاماً بين تاريخهم وحاضرهم لا يكفي نور «عمود السما» لتفكيكه. أمّا المستقبليّون فيهربون من تخلّيهم عن المقاومة عبر شتم حزب الله.
يتبنّى تيار «المستقبل» خطاباً يشير إلى أنّ مشكلته ليست مع المقاومة كمقاومة، بل مع حزب الله كحزب الله. فيوحي كما لو أنّه كان ليدعم المقاومة لو لم تكن بقيادة حزب الله، وكما لو أنّه ضدّ حزب الله بسبب سلوكه السياسي لا بسبب مقاومته.
يحمل هذا الخطاب الأخير نوعاً من عقدة الذنب، من شعور بعدم الراحة مع النفس. هكذا يصبح التباكي على المقاومة الشيوعية طقساً من طقوس «لبنان أوّلاً»... وللّه في خلقه شؤون.