نقولا طعمة
منذ “ولادة” كورنيش الميناء أواسط الثمانينيات، ينتظر كثير من الباعة وضع مشروع بلدي يشرّع عملهم، ويطوّره، ويوفّر لهم مدخولاً ثابتاً يقيهم وعيالهم خطر الفقر.
كان هؤلاء الباعة يشتمّون رائحة الأمل خلال الحملات الانتخابية البلدية، وقد تراجعت البلديات المتعاقبة عن وعودها لهم. ولم تنفّذ مجالسها خطوات أوليّة كإنشاء محال جاهزة تلزّمها للباعة، فينتظم الكورنيش، ويسود الانسجام بين متنزّهين من جهة، وباعة يمكن أن يزيّنوا الرصيف بالقديم من أضوائهم، وعلبهم، والزينات من جهة ثانية.
يحتضن الكورنيش العديد من الباعة “القدامى” الذين بات عددهم قليلاً مثل بائع فستق القبوع الذي يلبّي طلبات الزبائن بلفافة ورق على شكل قمع، وبائع البليلة، والقهوة العربية بالمصبات، والترمس، وعرنوس الذرة، وغزل البنات بالألوان المختلفة، ومنتجات موسميّة.
يشهد الكورنيش ازدحاماً عصراً ومساءً، فيقصده سكان المدينة من مختلف المشارب لممارسة رياضة المشي، أو لنزهة، أو للجلوس على صخرة على الشاطئ. ويبلغ الازدحام ذروته مساء الأحد، فما إن ينتهي اليوم حتى تكون ملاقط “السوكلين” قد استُنزفت في جمع الفضلات المرميّة في كلّ مكان. يعبر مسؤول مراقباً ما يجري، ثم يأتي أفراد من الشرطة في اليوم التالي ويأمرون الباعة بالرحيل، كما يروي الباعة، “وبعد مداخلات” يسمحون لهم بالابتعاد عن الرصيف إلى مواقع خلفيّة. لكن مع حلول شهر المكرمات، “ترخي البلدية الحبل” وتسمح للباعة بالعودة إلى الرصيف.
سليم، بائع الفستق الوحيد المتبقي في المدينة، يقول إن “حجة توقيفي هو أن دخان الأوراق ينبعث من داخون تسخين الفستق. الدخان لا يتصاعد أكثر من متر، وقالوا إن الجالسين على شرفات المنازل القريبة ينزعجون منه”.
ويقول بائع القهوة محمّد: “الشكر لرمضان أنقذنا من تسلّط السياسة والسياسيين علينا”.