يقف شاب أمام أحد المطاعم السياحية في مدينة عاليه. تدل الـ“تي شيرت” التي يرتديها إلى أنه عامل في المطعم، يخمّن المارة أن مهمة هذا الشاب إيجاد مواقف لسيارات الزبائن. تبدو تصرفات هذا الشاب غريبة نوعاً ما، فهو لا يقترب من الزبائن عندما يغادرون بسياراتهم. لكن متابعته، وهو يراقب بغضب سيارة تركن أمام المطعم، ويقطع ركابها الطريق في اتجاه آخر، تجعل المرء يكتشف مهنته الحقيقية.
يجلس الشاب أرضاً، يخرج إبرة من جيبه ويعمل على “تنفيس” دواليب السيارة الواحد تلو الآخر، لا يبدو مستعجلاً، “يأخذ وقته ليقوم بعمله على أحسن ما يرام”، لا يعير نظرات الاستغراب اهتماماً، ولا يستمع إلى احتجاجات سيدة كانت تمر قربه، تسأله غاضبة: “هل الطريق ملك لك؟ ثم قد يكون ركاب السيارة من زبائن المطعم حيث تعمل”. يجيب بوقاحة ودون أن يلتفت إليها: “لم يدخلوا إلى مطعمنا، هذا جزاؤهم”، ويكمل ما كان يقوم به.
يعود الشاب ليقف أمام المطعم، أنظاره مثبتة على السيارات التي تمر قرب المطعم.
بعد دقائق قليلة، يعود ركاب السيارة التي صار “دواليبها على الأرض” يتجهون صوب المطعم ذاته ويدخلونه. ويبدو من حركة أحدهم أنه كان يسحب مالاً من مصرف في الشارع.
تعود السيّدة التي احتجت إلى الشاب وتقول له: “هل رأيت؟ إنهم من زبائنك، ألست نادماً؟”، يجـــــيبها وقد خفتت حدة لهجته: “ما ذنبي أنا... صاحب المطعم هو من طلب مني فعل ذلك، وأنا أعمل لــــكسب لقــــــمة عــيشي، فلا أناقش صاحب العمل بما يأمرني به”.
صاحب السيارة الذي خرج فجراً من المطعم لم يعرف بالطبع من عطل دواليب سيارته، ولا عرف ما الذنب الذي ارتكبه.
(الأخبار)