على بالي

  • 0
  • ض
  • ض

قبل أن تصدر «الأخبار» (عندما كانت في طوْر التحضير)، زرتُ المكاتب والتقيتُ بالفريق المؤسِّس. حدّثني جوزيف سماحة عن المشروع بحماس شديد وكيف أنّ الجريدة لن تنقل تصريحات السياسيّين اليوميّة. وأبديتُ خشيتي لأنّ القرّاء متعوّدون على التصريحات. قال لي: يتعوّدون على عدم قراءتها بوجود الشاشات. كان على حقّ. ثم قال لي مبتسماً: سيسرّك أنّنا سنكسر التقليد الصحافي اللبناني في السماح بنقد زملاء في المهنة. أضاف: يمكنكَ مثلاً أن تنتقد جبران تويني بالاسم، لو شئتَ. سرّني ذلك. كنتُ أفكّرُ بذلك اليوم. أنا أتمتّع بمساحة لا بفضلي بل بسبب بُعدي الجغرافي عن البلد. الكتابة الصحافية في الميدان (في لبنان) أصعب من الذي يكتب عن بُعد لأنّه لا يحتكّ لا بالصحافيّين ولا بالسّاسة. مرّة، بعد مباشرة الكتابة المنتظمة في «الأخبار»، دعاني سياسي لبناني ـــ وألحّ في الدعوة ـــ لأتناول الطعام معه. فعلتُ وقرّرتُ بعد ذلك أنّ الاجتماعيّات بين الكاتب الصحافي وبين السياسي يُضعف من قدرة الكاتب (وهذا مبدأ ديفيد برودر، الصحافي الرصين في «واشنطن بوست»). قد تكون حدّتي في التعبير وليدة بُعدي الجغرافي عن الصحافيّين والسّاسة. لو أنّني كنتُ أعيش في لبنان مثلكم لربّما كنت أكثر ليناً واعتدالاً لأنّك ترى السّاسة في جوانبهم الإنسانيّة: في أعراس ودبكات حائط ومآتم وجلسات مقاهٍ وحفلات رفع جرن الكبّة في القرى. لكن ربما أفادني ابتعادي لأنّني أعلم أنّني لن أحتكّ بهم اجتماعيّاً. مرّة، في عرس لصديق في جبل لبنان، عانقني رجل من خلف وإذ به وزير جنبلاطيّ سابق. فاجأني بسعة صدره، لكن العيون لم تكن مرصدة عليه. لكن بعد فترة، وجدتُ أنّ إعلاميّين لبنانيّين في صحافة الإمارات والسعودية يرغبون في تلقّي النقد منّي، فغيّرتُ أسلوبي. واحد يعمل في محطة «العربيّة» لا يزال يقول إنّه تعرّضَ لحملات نقد مني باستمرار فقط لأنّني مرّة ذكرتُه عرضاً ـــ قبل أكثر من عشر سنوات. قلتُ في نفسي (أقول في نفسي كثيراً): لو أنّ نقدي يساعد في زيادة مرتّبات الخصوم، فأنا في غنى عن ذكرهم بالاسم. لكن أحياناً هناك استثناءات.

  • لا قرار بمعالجة الأزمة المالية... القادم ليس أفضل

0 تعليق

التعليقات