بعد تحرير الجنوب عام 2000، اتسم النشاط الاقتصادي لسكّان حاصبيا بالاعتماد على المواسم الزراعية، ولا سيّما مخزون النصف مليون شجرة وبساتين اللوز والليمون والخضر المحاذية لنهر الحاصباني. لكن الأزمة الاقتصادية الأخيرة دفعت بأصحاب البساتين المجاورة للنهر، إلى استثمارها سياحياً لتأمين مردود مادي أكبر. عدوى انتقلت من مزارع إلى آخر حتى ضاقت ضفاف النهر بالشاليهات والمسابح الخاصة.ومع تحوّل أصحاب البساتين نحو الاستثمار السياحي، تعدّلت لائحة أسعار الأراضي. تاريخياً، كانت أسعار العقارات المحاذية لأقنية مشاريع الري أغلى من البساتين المجاورة للحاصباني. لكن تغير وجهات الاستثمار، بدّل الأسعار لصالح جيران النهر. قبل نحو عشرين عاماً، اشترى «أبو عماد» بستاناً مساحته دونماً واحداً محاذياً لمجرى النهر بـ 10 آلاف دولار. وبالتزامن، اشترى بستاناً بالمساحة نفسها مجاوراً لقناة الري بـ 20 ألف دولار. لكن الواقع تبدّل أخيراً، إذ تلقى «أبو عماد» عروضاً بشراء البستان المجاور للنهر بـ 70 ألف دولار، فيما عرض شراء بستان قناة الري لم يتجاوز 40 ألفاً.
المنطقة الريفية النائية بدأت تخطو خطوات واثقة من الزراعة نحو السياحة، مستفيدةً من الاستقرار الأمني جنوباً. «الزراعة لم تعد تأتي بهمّها»، يقول قاسم الحمرا الذي شيّد ثلاث شاليهات للإيجار في بستان الليمون الذي ورثه عن والده، بجوار الحاصباني. أما زميله في قطاع الشاليهات محمود زويهد، فيلفت إلى أنّ «الحجوزات تأتي من أشخاص من خارج المنطقة».
لم يقتصر التفكير في الاستثمار السياحي لأصحاب البساتين على نهر الحاصباني ببناء المسابح والشاليهات الخاصة، بل تعدّاه إلى تشييد منتزهات ومسابح عامّة، لتكون متنفّساً لأهالي المنطقة وغيرهم.
في هذا السياق، يرى فراس أبو رافع، وهو مالك منتزه ومسبح عام، أنّ «هذا النوع من المنتجعات يشكّل مكاناً لالتقاء اللبنانيين من كل المناطق، كما يسهم في تفعيل الحركة الاقتصادية، ويُسهم في وضع حاصبيا على الخريطة السياحية اللبنانية».
أصحاب المطاعم واكبوا زيادة عدد الروّاد. مُنح الحمرا، صاحب أحد المنتزهات على ضفاف الحاصباني، لفت إلى تطوير حجم المطبخ التابع للمطعم لتلبية أعداد الزبائن بعدما عادت الحركة إلى ما كانت عليه قبل الأزمة الاقتصادية عام 2019.
بلدية حاصبيا استشعرت أيضاً من خلال حركة سياحية استثنائية ستشهدها المنطقة مع رواج السياحة الريفية والإقبال على حجز المسابح الخاصة وبيوت الضيافة، صيفاً سياحياً. هكذا، عملت على تأمين الكهرباء على مدار الساعة يومياً من خلال المولدات الخاصة، منذ مطلع شهر أيار (مايو) الماضي.