برلين | تخيّل لو أنه بالإمكان إعادة شخص تحبّه إلى الحياة مرة أخرى بعد موته. في «نهاية أخرى» (Another End) يتحقّق هذا الحلم عبر إحدى الشركات التكنولوجيّة. يُنقل وعي وذاكرة شخص متوفى إلى جسد جديد، ويتصرف هذا الشخص الجديد على أنه الزوج أو الحبيبة أو الصديق أو الابن المتوفى. تستمر هذه العملية بضع جلسات فقط، بهدف علاجي، يتمثل في منح أفراد الأسرة فرصة وداع وحداد بشكل صحيح. وبالتالي، لا يزال الموت يحدث، لكن متأخراً، مع وجود «فرصة ثانية» لتقبّل الرحيل. هناك بعض القواعد، يحق لكلّ شخص الحصول على ثلاث أو أربع جلسات مع الجسد الجديد الذي يحمل ذاكرة وهوية المتوفى، ولا يمكن اختيار أجساد الضيوف. بعد انتهاء الجلسات، لن يتذكّر الضيف الأحداث التي حصلت عندما كان يحمل داخله ذاكرة ذلك الشخص المتوفى. هذه هي العناصر الرئيسية الذي يحملها لنا فيلم المخرج الإيطالي بييرو مسينا، الذي يشارك في المسابقة الرسمية من «مهرجان برلين السينمائي» المستمرّ حتى 25 شباط (فبراير). فيلم خيال علمي رومانسي، يصلح لأن يكون حلقة واحدة من مسلسلBlack Mirror. «نهاية أخرى» ملتزم بالجدية المعتادة في الأفلام السيئة جداً التي تشبهه، لكن رغم جدّية طرحه، إلا أنه غير قادر على تحقيقها.لم يستطع سال (غيال غارسيا بيرنال) نسيان حبيبته بعدما فقدها في حادث سيارة. يعيش اليوم على ذكرياته معها وكآبة مفرطة تدفعه إلى حدود الانتحار. تراقب إيبي (بيرينيس بيخو) شقيقها بقلق متزايد، وتقترح عليه تجربة «نهاية أخرى». بعد رفضه مرات عدة، يوافق سال على التجربة، وتعود حبيبته زوي لكن بجسد آخر لمدة محددة. في هذه المدة، يعيش سال معها مرة أخرى، بينما يحاول أن يتأقلم مع الوداع الجديد.
يشرح بييرو مسينا كثيراً فيلمه، يُعيد على مسامعنا مراراً كيف يعمل نظام «نهاية أخرى»، ويتكثّف هذا في الدقائق الثلاثين الأخيرة، البطيئة المليئة بالتقلبات والمفاجأة التي لا تعني شيئاً، لأنه قد فات الأوان لإعادة إحياء المتفرّج الذي فقد الاهتمام. ينغمس الفيلم في أسلوبه التسلسلي، ويصبح متوتراً كثيراً بلا داع، غارقاً في ملل كئيب، وخصوصاً مع مشاهد البكاء والحزن التي تتضمن موسيقى متطفّلة. مشكلة الفيلم الكبرى، أنه يحتوي على عدد كبير جداً من النهايات، وكلّها يمكن رؤيتها من بعيد بسبب كثرة الشرح والتلميحات.
رغم فرضية الفيلم المثيرة وافتتاحيته الناجحة، إلا أنّه في مرحلة ما، تصبح الأحداث غير مبالية وتعسّفية. يفقد مسينا اهتمامه في الخيال العلمي، الذي يشكّل انطلاقة فيلمه، ليغوص في الميلودراما التأملية الفلسفية والرومانسية الساذجة. يفصل المسار الأول عن الثاني، بسبب عدم قدرة المخرج على تطوير مسار الخيال العلمي في الفيلم، فيصبح فيلمه بمثابة قصة لا معنى لها. لا يتعمق أبداً في الحدود الأخلاقية والاجتماعية لهذا الإجراء. وبسبب جدّية طرحه، لا يدرك المخرج أو لا يريد أن يدرك أن فيلمه يسير على خط السخافة المفرطة، إلى درجة أنّ بعض المشاهد المغالية في الجدية، تنتهي لتصبح فكاهيةً!