عكّا | فوز نسرين قدري (25 عاماً) أخيراً بالجائزة الأولى في مسابقة «عالم الغناء الشعبي في إسرائيل»، أو «إيال غولان يناديك»، هو عبارة عن ظاهرة تتكرر بين الحين والآخر، بما يتعلق بالفلسطينيين في الداخل المحتل، لكنّ اللافت هذه المرة أنّ ابنة حيفا لم تكتف بالتطبيع مع جلادها من خلال المشاركة في مسابقة غناء إسرائيلية، بل أيضاً عبّرت عن «سعادتها البالغة» بأنّها أول عربية تفوز بالجائزة، مضيفةً إنّها تفتخر «بهويتها الإسرائيلية». الشابة ذات الوعي المسلوب اختارت أيضاً أن تقدّم أغنية بالعبرية كناية عن «صلاة لحماية شعب إسرائيل» كُتبت في «ذكرى الجنود الإسرائيليين الذين ماتوا دفاعاً عن اسرائيل!». هذا الأمر أثار ردود فعل مستنكرة في فلسطين.ومنذ فترة أيضاً، انضمت شابتان عربيتان إلى حملة «وجوه إسرائيل» التي أطلقها وزير الدعاية الإسرائيلي يولي ادلشطاين تحت رعاية وزارة الخارجية الإسرائيلية. والحملة عبارة عن وفد من حوالى 100 شاب وشابة إسرائيليين يجوبون العالم كسفراء شباب لمحاربة «أسبوع الأبارتهايد الإسرائيلي»، وتمثيل «الوجه الحقيقي» لإسرائيل.
ورغم الضجة والردود المستنكرة التي أثارتها هذه المشاركَات، إلا أنّ الأغلبية الفلسطينية في الداخل المحتل تتعامل بلامبالاة مع هذه الظواهر، لأنّها حالات شاذة لا تعبّر عمن بقوا في وطنهم منذ الاحتلال عام 1948، كما أنّ حجم تأثيرها في المجتمع ليس كبيراً. بالتالي، فهي تطفو بسرعة ترافقها ضجة من قبل الإعلام الإسرائيلي، وترقص على موّالها المؤسسة الإسرائيلية وتصرخ بصوت مخنوق في وجه العالم: «نحن دولة ديموقراطية وتعددية ونعيش بسلام مع الأقليات» ثم سرعان ما تختفي نسرين وأخواتها بسرعة.
لن تكف المؤسسة الإسرائيلية عن لعبتها السياسية المستمرة من خلال أمثلة كنسرين قدري وغيرها، وخصوصاً أنها على استعداد دائم لاستخدام فلسطينيّي الداخل أداة لتبيض وجهها ولإظهار «التعددية والانفتاح» مقابل جرائمها التاريخية تجاه الفلسطينيين، إلا أنّ محاولاتها تبوء بالفشل، وخصوصاً مع الأصوات والشخصيات العالمية التي تعمل على فضح سياستها باستمرار، كما حصل منذ أيام مع الأديب الألماني غونتر غراس، الذي اتهم اسرائيل بأنّها أكبر خطر على السلام. يُشار إلى أن نسرين قدري صرحت حسب «وكالة أسوشييتدبرس» بعد فوزها بالمسابقة: «لم أكن أعتقد أنهم سيحبّونني. فأنا عربية». ثم أضافت: «أعتقد أنهم رأوا جانباً آخر يميزني». لا نملك سوى الصلاة لنسرين لعلّها تستعيد وعيها.