مع دخول التحركات الشعبية يومها الخامس، باتت محاولات حرف الاحتجاجات عن مسارها المطلبي إلى الهجوم على حزب الله في أكثر من منطقة، واضحة. ففيما حافظ المعتصمون في ساحة الشهداء على نوعٍ من التوازن بين إطلاق شعارات مضادة للحزب وأخرى مؤيّدة له وحرق الأعلام الإسرائيلية، تحوّلت بعض التجمعات الأخرى، حيث يحاول مناصرو حزب القوات اللبنانية السيطرة على التحركات، إلى منصّات لإطلاق الشتائم بحقّ حزب الله. ووصل الأمر إلى إحراق راية الحزب في عاصمة الشمال، قبل أن يتم التداول ببيان يتبرّأ من إحراق العلم.هذا المشهد بات ينعكس استياءً داخل قواعد الحزب ومناصريه من المواطنين الذين اندفعوا إلى الشوارع في بداية الاحتجاجات للتعبير عن مطالبهم، ومحاولات قوى واضحة حرف تحركات الحشود الشعبية، بالتوازي مع حالة الغليان التي يعيشها مناصرو حركة أمل في ظلّ التحريض والشتائم ضد رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
هذا الاحتقان، حاول مناصرون لأمل عبر مسيرات على الدراجات التعبير عنه، كما العادة، بالجولات في أحياء بيروت. وحين حاولت مجموعة من الدراجين التجوال في ساحة رياض الصلح، منعهم الجيش وقام باعتقال عدد منهم قبل أن يفرج عنهم لاحقاً. وعلى الفور، أصدر حزب الله وحركة أمل بيانين منفصلين، عبّرا فيهما عن عدم تبنّيهما أيّ مسيرة دراجة، فيما عمل مسؤولو أمل على الطلب من مناصريهم التوقّف عن أي تحركات في المدينة والطلب من الجيش قمع أي تحرّك. ويوم أمس، وبعد إعلان ورقة الحكومة «الإصلاحية»، بدا لافتاً أداء قناة «العربية» السعودية التي تعمّدت بثّ شائعات عن «إعلان حالة الطوارئ»، فضلاً عن فتح الباب للهجوم على الحريري نفسه! بالتوازي، تبيّن لعدد من محللي البيانات أن ما يُعرف بـ«الذباب الإلكتروني» التابع للنظام السعودي تولّى تنظيم هجوم على حزب الله، على مواقع التواصل الاجتماعي، بصورة توحي بأن المتظاهرين اللبنانيين يقفون خلف هذا الهجوم. وأظهر التحليل أن غالبية التغريدات التي تضمّنت هجمات على الحزب مصدرها السعودية. وترافق ذلك مع تحريك كل الشخصيات «السبهانية» اللبنانية، للهجوم على الحزب، فضلاً عن التصويب على الحريري والمطالبة باستقالته.




على مستوى الجيش اللبناني، بات واضحاً قرار قيادته عدم الصدام مع المتظاهرين، وهذا الأمر تمّ وضع القوى السياسية في أجوائه. وتشرح القيادة القرار بضرورة قطع الطريق على أيّ فتنة تُعَدُّ بين الجيش والمتظاهرين، وفي الوقت نفسه تؤكّد القيادة قرار منع حصول أي اعتداءات في الشارع على الأملاك العامة والخاصة ومنع الإخلال بالأمن. ولم تتضح بعد كيفية تعاطي الجيش في الأيام المقبلة مع مسألة قطع الطرقات. من جهتها، قالت مصادر مطلعة على موقف الجيش إن القوات المسلحة لا تستطيع أن تسمح باستمرار شلّ البلاد، وقطع الطرق الرئيسية. وفي الوقت ذاته، يجري الحديث عن موقف أوصله الأميركيون للجيش بأنهم «يرفضون أي مسّ بالمتظاهرين السلميين».
«الذباب الإلكتروني» السعودي هو مصدر غالبية الهجمات على حزب الله


واليوم، لن تبقى بكركي بلا موقف، بعد عودة البطريرك بشارة الراعي من السفر ودعوته المطارنة إلى اجتماع صباح اليوم. وتبدو لافتة مشاركة عدد من رجال الدين الموارنة والمدارس الكاثوليكية في التظاهرات على ساحل المتن وفي البترون مع أجواء داخل الكنيسة تميل إلى دعم التحركّات، في مقابل أصوات بعض المطارنة الذين يعارضون بسبب الهجوم على العهد.