«نُبشّركم يا أهالي بيروت بأن هناك اتجاهاً جدّياً لتخمين الرسوم البلدية على أساس سعر صرف السوق السوداء، أي ما يقارب الـ 13 ألف ليرة لبنانية (للدولار)، ما يعني أن أهالي بيروت سيدفعون رسوماً تتجاوز عشرة أضعاف الرسوم السابقة». هذه الرسالة عُمّمت أمس على «غروبات» التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى بلبلة بشأن ما إذا كانَ هذا القرار رسمياً أم مجرّد شائعة. المعلومة الواردة ليست خبراً مكذوباً ينتشِر بينَ الناس، لكنه أيضاً لم يُصبِح مؤكداً. [اشترك في قناة ‫«الأخبار» على يوتيوب]
ثمة مشكلة حقيقية تواجهها بلدية بيروت، إذ إن بعض الموظفين المعنيين بملف التخمينات يدفعون في اتجاه تخمين الرسوم على أساس سعر صرف الدولار في السوق. هذا ما يقوله بعض رؤساء لجان تخمين القيم التأجيرية المعترضين على هذا الإجراء، والذين يؤكدون التزامهم بسعر الصرف الرسمي أي 1500 ليرة للدولار، مشيرين إلى أن البلبلة بدأت من قرار صادر عن ديوان المحاسبة رداً على كتاب من إحدى بلديات المتن أفتى بـ«تخمين المتر البيعي على حسب السعر الرائج». والسعر الرائج الذي لم يحدده الديوان، فتحَ باب التأويل مع وجود ثلاثة أسعار: الرسمي المقدر بـ1507 للدولار، والبنوك اللبنانية بسعر 3900 للدولار، وسعر السوق السوداء، ما أدى إلى اختلاق مشكلة تمثّلت في أن بعض الموظفين في بلدية بيروت بدأوا بالضغط على لجان التخمين للالتزام بالقرار، وفقَ ما تقول مصادر بلدية. وتضيف المصادر أن أكثر من يضغط هم المهندسون الذين يعطلون عمل اللجان من خلال عدم تأمين نصاب جلسات أعضائها، حيث يرأس كل لجنة عضو في البلدية، إلى جانبه مهندس موظف يمثل الدائرة الفنية في البلدية أو التنظيم المدني، وموظف تنتدبه وزارة المالية وأحد موظفي البلدية كمقرّر، والمشكلة في أن «لا قيمة لأي محضر من محاضر اللجنة إن لم يوقعها الأعضاء جميعهم»، وذلك وفقاً للمادة 8 من القانون الرقم 60/88 (قانون الرسوم والعلاوات البلدية وتعديلاته)».
وبينما يبرّر أحد المهندسين أن «الامتناع عن توقيع المحاضر التي تنص على التخمين وفق سعر الصرف الرسمي هو الخوف من اتهامهم بعد ذلك بهدر المال العام»، يقول أحد رؤساء اللجان إن «ما يدفع المهندسين إلى هذا الضغط هو خوفهم من عدم تقاضي رواتبهم أو تعويضاتهم في ما بعد»، خاصة في ظل «الأزمة المالية التي تعانيها البلدية من جراء تراجع إيراداتها التي تعدّ رخص البناء واستيفاء الرسوم جزءاً أساسياً منها». ويعتبر رئيس اللجنة (من المعترضين) أن «السير في مثل هذا القرار هو انتقام من الناس، فلا أحد يستطيع اليوم أن يدفع مثل هذه الأرقام الخيالية. فأهالي بيروت اليوم يعانون من صعوبة دفع الرسوم حتى على سعر الصرف الرسمي، ومن يتوجب عليه دفع مبلغ 10 ملايين ليرة مثلاً، سيصبِح ملزماً بمبلغ يفوق المئة مليون ليرة، فهل بإمكان أحد في البلدية اليوم مطالبة المواطن في ظل هذه الظروف الاقتصادية الصعبة بأن يدفع مثل هذا المبلغ»؟ ويضيف أن «هناك مطالبات بالتجمع والتظاهر ضد اللجان، لأنهم يظنون بأن رؤساء اللجان هم من يريدون تبديل السعر، علماً أن بعضهم غير مهتم فيما عدد من رؤساء اللجان يرفضون ذلِك»، أولاً لأن «هذا الأمر لن يؤدي إلى زيادة الإيرادات»، وثانياً لأن «القانون يمنع استيفاء الرسوم إلا وفق سعر الصرف الرسمي، وهو الحال في معظم مؤسسات الدولة». ومع أن قانون الرسوم والعلاوات ينص على أن اللجنة هي شخصية مستقلة ولا أحد يتدخل بعملها، فيما يحق لصاحب العلاقة تقديم شكوى لدى لجنة اعتراضات يرأسها مدعي عام التمييز، علمت «الأخبار» أن هناك اتصالات مع محافظ بيروت القاضي مروان عبود ومع مجلس البلدية في ظل معلومات عن إمكانية عقد جلسة قريبة لمناقشة الأمر. في الموازاة يؤكد أحد المستشارين القانونيين في البلدية أن «أي تخمين يحصل وفق سعر صرف غير سعر الصرف الرسمي هو مخالف للقانون، وأن قرار الديوان ليسَ ملزماً في مثل هذه الحالات، بل هو حصر في أمور تتعلق بتلزيمات أو مناقصات على اعتبار أنه رقابة مسبقة على الإنفاق العام»، مضيفاً أن التخمين على سعر صرف جديد لا يمكن أن يحصل إلا بتعديل القانون الذي سيشمل كل مؤسسات الدولة.