لم تفلح «التدابير» المتخذة ورفع أسعار المحروقات، باحتسابها على سعر الصرف 3900 ليرة للدولار، في التخفيف من أزمة نقص الوقود، ولا من الازدحام الذي لا تزال المحطات تشهده، والإشكالات اليومية التي تنتج عنها. وقد فاجأ مشهد المحطات، اليوم، المواطنين الذين ظنوا أنهم سيرتاحون من «طوابير الذل» بعدما جرى الإعلان عن اتباع تسعيرة دعم جديدة للبنزين.
في صيدا، جنوباً، أقفلت المحطات أبوابها إلا ما ندر، وبرّر أصحابها الأمر بالوقت الذي يستلزمه إغراق السوق بالمحروقات من قبل شركات التوزيع، ووعدوا زبائنهم بتوفير المادة اعتباراً من بعد ظهر اليوم أو صباح الغد. وبذلك، استمرت الطوابير أمام المحطات ومعظمها مغلق، فيما تنشط عمليات الابتزاز واستغلال الأزمة. وكان، أمس، قد سُجّل سعر قياسي للـ١٠ ليتر بنزين مقابل ١٥٠ ألف ليرة.

وفي صور أيضاً، بقي المشهد على حاله رغم توقعات وزارة الطاقة وموزعي المحروقات بأن الانفراجة ستحصل بعد زيادة التعرفة على صفيحة البنزين، إذ تمّ إقفال أكثر من 70 في المئة من محطات المحروقات، رغم وجود البنزين في خزاناتها، ما سبب زحمة أمام المحطات التي فتحت خراطيمها أمام الزبائن.

وكانت محاولات القوى الأمنية بدأت مساء الجمعة الفائت، عندما بدأت حملة تفتيش لمعظم المحطات والكشف على خزاناتها، فوجدت عشرات الآلاف من الليترات المخزّنة. إثر ذلك، حاولت القوى الأمنية إجبار أصحاب المحطات على فتح أبوابها وتفريغ الخزانات وبيعها بحسب السعر القديم، لكونها من المواد المدعومة، إلا أن أصحاب المحطات كانوا يعمدون إلى بيع المحروقات لعدد قليل من السيارات فقط، قبل العودة إلى إقفال محطاتهم مع مغادرة القوى الأمنية، بحجة انقطاع الكهرباء أو قطعها عن عمد بالاتفاق مع صاحب المولّد.

وبالتوازي، سجّل إقفال للعديد من محطات المحروقات في حاصبيا بحجة نفاد المخزون لديها، وخاصة أن القوى الأمنية كانت قد عملت، أمس، على مداهمة العديد من هذه المحطات وإجبارها على تزويد السيارات والآليات بمادتَي البنزين والمازوت حتى نفاد مخزونها.

وفي طرابلس، المشهد أمام محطات المحروقات لم يتغيّر أبداً بين اليوم وأمس، إذ لا تزال طوابير السيارات تصطف أمامها، ومحطات لا تزال متوقفة عن العمل، رغم كلّ التصريحات الرسمية عن توافر مادة البنزين في المحطات، والأرباح التي حقّقها أصحاب المحطات الذين خزّنوا كميات من الوقود وفق الأسعار القديمة، على أن يبيعوها وفق الأسعار الجديدة.

وقد تسبّب استمرار أزمة المحروقات على حالها مع ارتفاع أسعارها في ارتفاع مماثل في تسعيرة تنقلات المواطنين في سيارات التاكسي والسرفيس والفانات ضمن نطاق مدينة طرابلس وجوارها بين 50 ــ 100%، ما جعل حركة السير في الشوارع تنخفض على نحو لافت.

أمّا في عكار، شمالاً، فكانت غالبية محطات عكار خالية من الوقود، إذ لم تتسلم المحروقات من شركات التوزيع، ما نتج عنه طوابير مصفوفة أمام أبوابها، بانتظار تزويد الشركات للمحطات. وقد فتحت إحدى المحطات في عدبل أبوابها وعملت على تزويد المواطنين بالبنزين على التسعيرة الجديدة، وهو ما اعتبره المواطنون أفضل من السوق السوداء وتعبئة الغالونات.

وفي المحمرة، كان قد حطّم محتجون ليلاً محطة للمحروقات، عند مفرق البلدة، بعدما تبيّن أن صاحب المحطة يخزن مادتي المازوت والبنزين ويمتنع عن تزويد المواطنين بهما.

ولا تزال الطوابير تصطف أمام محطات البنزين على طريق الدورة، رغم صدور التسعيرة الجديدة التي شهدت ارتفاعاً في الأسعار.

إضافة إلى ذلك، فإن السوق السوداء للمحروقات لا تزال رائجة، إذ إنّ غالون البنزين الذي يتسع لـ9 ليترات أو 10، يباع فيها بين 65 ألف ليرة إلى 75 ألفاً، وقد أفاد مواطنون «الأخبار» بأنهم اضطروا إلى شرائه بمئة ألف ليرة، أول من أمس، بسبب حاجتهم الشديدة إليه.