بكل ما أوتي من قوة، يُحاول الحزب التقدمي الاشتراكي الدفع إلى تأخير تسريح الضباط العامين في الجيش وباقي القوى الأمنية لمدة سنتين. لهذه الغاية، تقدّمت كتلة اللقاء الديموقراطي عبر النائبين بلال عبد الله وهادي أبو الحسن، في حزيران الماضي، باقتراح قانون معجل مكرر يرمي الى تعديل المادتين 56 و57 من المرسوم الاشتراعي الرقم 102 الصادر في 16/9/1983 (قانون الدفاع الوطني) والمتعلقتين بالتسريح الحكمي للعسكريين (الرتباء والأفراد والضباط) ليتم تأجيله عامين.الاقتراح يتضمّن كثيراً من الأسباب الموجبة كالإشارة إلى أنّ «الوضع الحالي لا يسمح بتطويع عناصر لمصلحة المؤسسات العسكرية والأمنية، يقابله تسريح عناصر من هذه المؤسسات، سواء لبلوغ السن القانونية أو نتيجة طلبات التسريح من قبل أصحاب العلاقة»، إلا أن «المطلوب واحد»: تقاعد العضو الدرزي الوحيد في المجلس الأعلى للدفاع رئيس الأركان في الجيش اللواء الركن أمين العرم مطلع كانون الأول المقبل. عندها، يقع الاشتراكي في «أزمة كبرى»، إذ إنّه لا إمكانية لتعيين بديل من العرم، مع إحالة الضابط أحمد محمود إلى التقاعد أيضاً، وعندها يكون الضابط الدرزي الأعلى رتبة في الجيش هو العقيد الركن حسان عودة، قائد فوج التدخل الثالث من دورة عام 1994، غير المرضيّ عنه في المختارة، بسبب وقوفه الى جانب العماد ميشال عون تاريخياً.
ولأن «الاشتراكيين» يريدون تفادي الوصول إلى مرحلة «بلع الموسى»، يصرّون على اقتراح قانون تسريح الضبّاط ليشمل العرم، غير أن رئيس مجلس النواب نبيه بري كان أسرع في «خبطته». إذ أسقط صفة العجلة عن الاقتراح وأحاله إلى اللجان المتخصصة للدرس، وخصوصاً أنّه يعلم أن وزير الدفاع موريس سليم وقيادة الجيش، ومعهما المؤسسات الأمنية الأُخرى، يرفضون التمديد لأنه «يضرب مرتكزات المؤسسات الأمنية في مبدأ الترقيات وتجانس الحياة العسكرية، إضافة إلى أن القانون يحتاج إلى دراسات مُعمّقة مستندة إلى إحصاءات بغية تبيان نتائجه»، وفق ما تقول مصادر معنية.
هكذا، حط الاقتراح في لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النيابيّة التي انعقدت برئاسة النائب جهاد الصمد الثلاثاء الماضي، وعلى جدول أعمالها 4 اقتراحات قوانين تتعلق بالمؤسسات الأمنية. خلال الجلسة، عكس وزير الدفاع رفض قيادة الجيش لإمرار الاقتراح، فيما رأى النائب جميل السيّد أنّ إقراره «يحرم الرتب الأصغر من الترقية بشكل أسرع، إذ إنه في العادة تتم ترقية الضباط كلّ 4 إلى 5 سنوات، فيما الاقتراح سيُبقي كل ضابط في الرتبة نفسها بين 5 إلى 7 سنوات، وهذا ما يقفل المَلاك أكثر ويحوّل القطعات الأمنية إلى قطعات هرِمة، علماً أنه في بعض الدول يتقاعد الضابط عند بلوغه الخمسين للمحافظة على فتوة الجيوش». ولفت إلى أنّ «الاقتراح يعدّل قانون الدفاع الوطني جذرياً، وبالتالي يجب أن تدرسه أكثر من لجنة». أما «إذا كانت النية من الاقتراح تأخير تسريح ضابط معين، فإن القانون يجيز لوزير الدفاع التمديد له، وهذا ما حصل مع أكثر من قائد للجيش سابقاً بالاستناد إلى ضرورات الخدمة ولاعتبارات أمنية وعسكريّة، بالإضافة إلى حالة الطوارئ التي نمرّ بها».
الصمد: لا إمكانية لإقرار اقتراح التمديد للضباط لأنه يضرب أساس العدالة في المؤسسات الأمنيّة


من جهته، يؤكد الصمد لـ«الأخبار» صعوبة إقرار القانون بالطريقة التي قدّمها «الاشتراكي» لأنه «يضرب أساس العدالة ويحرم الرتب الأقل من الترقية ويزيد الأزمة التي يعانيها الجيش استفحالاً. إذ إن هناك نحو 400 عميد لـ 60 ألف عسكري، فيما لا يتخطّى عدد العمداء في الجيش الفرنسي، مثلاً، الـ 50». واشار إلى أن «الرأي السائد بين القوى السياسية هو عدم إقراره، كما أنّه لا إمكانية لإمراره في الهيئة العامة أصلاً طالما أن لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النيابيّة لم تناقشه ولم تُحله إلى الهيئة، وخصوصاً بعدما أسقط بري عنه صفة العجلة»، مشيراً إلى أن اللجنة ستناقشه في جلسة سيدعو إليها الأسبوع المقبل.
وعليه، لن يكون أمام وليد جنبلاط سوى السعي إلى إقناع وزير الدفاع بإصدار قرار استثنائي بالتمديد لعرم ريثما تحضّر المختارة ضابطاً درزياً لخلافته، أو الرضوخ لتعيين العقيد عودة، أو محاولة إقناع القوى السياسية بمخالفة القانون وضرب التراتبيّة من خلال تعيين ضابط أقل رتبة، إذ إن جنبلاط لا يُمانع تعيين أحد العقيدين كرم حديفة أو وجدي دمج من دورة عام 1995، علماً أن حديفة يحظى بأقدميّة سنة واحدة عن دمج. وفي العام الذي تخرّج فيه حديفة طليع دورته، قال جنبلاط في حديث تلفزيوني: «يكفي الجيش شرفاً أنه خرّج من جيش كمال جنبلاط طليعاً للدورة».
على أن الجانب الآخر المتعلق بنتائج اقتراح القانون بقي غامضاً، لأن البعض تحدث عن أنه يسري على المدنيين في إدارة القوى الأمنية والعسكرية، ويجري التركيز هنا على وضع اللواء عباس إبراهيم المدير العام للأمن العام الذي تنتهي ولايته في آذار المقبل، ويحال الى التقاعد كموظف مدني وليس كعسكري. وإذا كان اقتراح القانون سيشمل اللواء إبراهيم، فهذا يعني أنه يجيز التمديد لكل موظفي الفئة الأولى، وهو أمر غير مطروح، علماً أن النقاش حول واقع اللواء إبراهيم ينطلق من حسابات سياسية تتصل بالدور المفترض به أن يؤدّيه، وخصوصاً أنه برز في الأعوام الماضية كوسيط له دوره السياسي داخلياً وإقليمياً وخارجياً، وهو الدور الذي حظي بدعم مباشر من الرئيس ميشال عون وقيادة حزب الله.