مع اقتراب جلسة إصدار الأحكام على الموقوفين في ملف أحداث خلدة (1 آب 2021)، يزداد الحديث عن قرب الوصول إلى تسوية تقضي بصدور أحكام مخفّفة على معظم المدّعى عليهم وجاهياً (24 شخصاً)، وبالحكم بين سبع وثماني سنوات تُخفّض لاحقاً على اثنين أو ثلاثة من الموقوفين، من دون أن تشمل الفارين البالغ عددهم 12.ويؤكّد الحديث عن هذا «الحل» ما حصل قبل يومين عندما أطلق مسلحون النار على مقهى لآل غصن في خلدة. جاء ذلك، بحسب مطلعين، بعد انتهاء هيئة المحكمة العسكرية من الاستماع إلى شهود أكدوا أن الموقوف س. نوفل شارك في إطلاق النّار على موكب تشييع علي شبلي ما أدى إلى مقتل 4 أشخاص وجرح 10 آخرين، ما فاقم الخلاف بين عائلتي غصن ونوفل. إذ يتهم آل نوفل آل غصن بإلصاق التهمة بابنهم بعد رفضهم تسليم تسجيلات لكاميرات مراقبة تظهر هوية مطلقي النار إلى استخبارات الجيش، فيما يؤكد آل غصن أن الكاميرات لا تعمل.
ويتهم بعض وجهاء عشائر خلدة «طابوراً خامساً» بصب الزيت على النّار لتكبير حجم الخلاف بين العائلتين. فبعد معالجة هذه الحادثة أقدم مجهولون على إطلاق النار على منزل آل نوفل من أوتوستراد خلدة، قبل أن يفرّوا إلى جهة مجهولة.
إلا أن محامين ينفون أن تكون هناك شاهدة قد تعرّفت على س. نوفل خلال الجلسة التي عقدت بشكل سري لوجود أحداث بين المدعى عليهم، مؤكّدين أن جميع الشهود لم يتعرّفوا إلى الموقوفين باستثناء واحد من آل سيف رغم تأكيد التحقيقات أنّه كان يشارك في عزاء خارج المنطقة.
وفيما يعتقد متابعون أنّ أحداث اليومين الماضيين توحي بتسوية يتم ترتيبها، ينفي آخرون الأمر، ويؤكدون أنّ «المفاوضات مستمرّة» برعاية مخابرات الجيش. وبحسب معلومات «الأخبار»، عُقد اجتماع قبل أيام في مكتب مدير المخابرات العميد طوني قهوجي بحضور رئيس فرع مخابرات جبل لبنان العقيد طوني معوّض، والنائب أمين شري وعلي أيوب عن حزب الله، وعن العشائر النواب نبيل بدر ومحمد سليمان وعماد الحوت والمختار يونس ضاهر وعلي موسى. وبعدما كرر ممثلو الحزب مطلبهم بتسليم الجناة الذين أطلقوا النار خلال تشييع شبلي، رد الحوت بأنّ هذا الأمر سيعقّد الأمور لأن بعض عائلات العشائر ستعتبر أنّ عائلات أخرى ضحّت بأبنائهم لتسوية أوضاع آخرين. وأصرّ النواب الممثلون للعشائر على الخروج بحلّ يرضي الطرفين وأن «لا إمكانيّة للانطلاق من طرح تسليم مُطلقي النار، واعتبروا أن إطلاق النار على موكب التشييع جاء لعدم معالجة الاشتباك السابق (اشتباكات خلدة التي وقع ضحيتها الطفل حسن غصن وأحد الشبان السوريين في آب 2020)، متحدثين عن «استحالة الوصول إلى هويّة الجناة الحقيقيين بناء على تحقيقات مخابرات الجيش أو الإفادات لدى قاضي التحقيق وهيئة المحكمة العسكرية»، عارضين لحلٍ آخر. إذ إن داتا الاتصالات تثبت وجود اثنين أو ثلاثة من الموقوفين في محيط إطلاق النار، ما يعزز الشكوك بضلوعهم في الاشتباك. بالتالي، اقترح بدر والحوت وسليمان إصدار الحكم على هؤلاء باعتبارهم مشاركين في إطلاق النار والاكتفاء بمدّة حبس الموقوفين الباقين بعد الحكم عليهم بجنح، وعقد مصالحة كبرى بين العائلات في خلدة.
الحديث عن تسوية يزيد التوتر بين عائلات عشائر عرب خلدة


وبحسب المعلومات، فإنّ رد الحزب لم يكن حاسماً في هذا الإطار، خصوصاً أن عدداً من الضحايا لا ينتمون إلى الحزب ولم تفوّض عائلاتهم مسؤوليه الوصول إلى تسوية بل ترفضها رفضاً تاماً. لذلك، تم الاتفاق على عقد اجتماعٍ جديد، رغم خشية البعض من صدور الأحكام قبل موعد اللقاء، خصوصاً أن هناك اتفاقاً مبدئياً بأن تُصدر هيئة المحكمة العسكريّة أحكامها قبل نهاية هذا العام، وقبل تسلّم رئيس المحكمة الجديد العميد خليل جابر منصبه، ما سيعني البدء بالملف من جديد. وهذا ما يزيد المخاوف من تصعيد في الشارع لا يمكن ضبطه، وهو ما أشار إليه بعض النواب الممثلين للعشائر صراحة أمام ممثلي الحزب، وذهبوا أبعد من ذلك بإشارتهم إلى وجود أطراف تُريد تكبير الأزمات لاستغلالها سياسياً. فيما دعاهم الحزب إلى تحمل المسؤولية إلى جانب الجيش كما يفعل هو بضبط المقربين منه واحتواء ردود أفعالهم. وانتهى الاجتماع بتشديد الطرفين على ضرورة ضبط الوضع والوصول إلى حل بغض النظر عن صدور الحكم من عدمه من أجل «درء الفتنة وعدم السماح لأي طرف بالاستثمار في الملف وتوظيفه سياسياً». وهو ما أكده النائب نبيل بدر لـ«الأخبار» آملاً في الوصول إلى حل «طالما أن النوايا صافية لأنّ المصلحة الوطنيّة تفرض علينا طمر بؤرة التوتر الطائفي هذه».
يُذكر أن المحكمة العسكرية ستعقد جلسة الاثنين المقبل للرد على طلبات الدفاع، قبل تحديد موعد جلسة النطق بالحكم.