على نية إجراء إصلاح وتطوير شاملين لمرفق العدالة في لبنان، أُطلق «منتدى العدالة»، بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والإتحاد الأوروبي وسويسرا وشركاء دوليّين آخرين.ورغم التحديات غير المسبوقة التي يواجهها لبنان، شعباً ومؤسّسات قضائية، يعول القيمون على المنتدى كخطوة في إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار (RF3) في المرفق القضائي.

ما هو «منتدى العدالة»؟
منتدى العدالة «يشكل إطاراً جامعاً لأصحاب المصلحة على الصعيد الوطني». هكذا عرّفه القيمون عليه، فهو يجمع أهل القضاء والقانون والمحامين والمعنيين من أجل النهوض بالواقع القضائي في لبنان. تميّز حفل إطلاق المنتدى بواقعية الأفكار التي طرحت، وتحول إلى أشبه بجلسة تشخيض لأمراض الجسم القضائي في لبنان، من غياب قانون إستقلالية القضاء، وأوضاع قصور العدل مروراً باوضاع القضاة والمساعدين القضائيين، وصولاً إلى التحقيقات المجمدة والمتوقفة ما يعيق تحقيق مسار العدالة في لبنان.
«أثبتتِ التَجرِبةُ حتى الآن، أنَّ السلطاتِ والمرجعياتِ والقوى والفاعليات السياسية لا ترغبُ على العموم بوجودِ سلطةٍ قضائيةٍ مستقلةْ، وأَن كلاً منها يريدُ قضاءً على قياسِهِ وقياسِ مصالحِهِ، وأنها نجحتْ في إيصالِ القضاءِ، إِن باتفاقٍ صريحٍ أو بتوافقٍ ضُمني، إلى وضعِهِ الحالي، الذي يُسألُ ونُسأل عنه أيضا». بهذه الكلمات اختصر الرئيس الأول لمحكمة التمييز ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود مشكلة القضاء في لبنان مع السياسيين، معتبراً ِأنَّ «النهوضَ القضائيْ، واستعادةَ القضاءِ لدورِهِ، لن يتحقَّقا إلاّ عِبرَ إرادةٍ وتعاونٍ حقيقيين، بين مختلفِ السلطاتِ، وفقَ ما يفترضُه الدستورْ، بمشاركةٍ من المجتمع المدني، وبتعاونٍ مع الجهات الدوليةِ الحاضرةْ والقادرةْ والراغبة في تأمين المساعدةِ والدعم، علماً أن تجرِبتَنا سابقاً في طلبِ المساعدةِ الدولية، لم تلقَ التجاوبَ المطلوب». بدوره، شدد رئيس مجلس شورى الدولة القاضي فادي إلياس على «ضرورة تأمين إستقلالية القاضي على مختلف الصعد، لا سيما إستقلاله عن السلطات السياسية، وإبعاده عن المؤثرات، إلى جانب خلق شعور عند القاضي حول عظيم دوره في مسار العدالة والمجتمع»، مشيراً إلى أن «مجلس شورى الدولة بدأ قبل ثلاث سنوات بعملية المكننة في قلم المجلس، كنا نتأمل مع صدور قانون المعاملات الغدارية لكافة المراحل، وصولاً إلى تقديم الدعوى عبر الايميل ودفع الرسوم عبر البطاقات الإئتمانية إلا أن إنقطاع الكهرباء أدى إلى توقف الخوادم بشكل كامل».
وفيما انتقد رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب جورج عدوان عدم إقرار قانون إستقلالية القضاء الذي أنهت دراسته اللجنة خلال ثلاثة أشهر بتاريخ 18-11-2021، أكد أن «تنظيف الجسم القضائي لا يحتاج إلى قوانين إنما إلى إرادة حقيقية من قبل السياسيين». من جهتهما، الممثل المقيم بالنيابة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي محمد صالح وسفيرة الاتحاد الأوروبي في لبنان ساندرا دووال، شددا على أهمية إطلاق المنتدى من أجل تحسين واقع وخدمات مؤسسات العدالة في لبنان بهدف تعزيز ثقافة التمسك بالقانون خاصة في الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان.
واختتم وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال القاضي هنري الخوري الحفل بكلمته داعياً المعنيين إلى المباشرة في أقرب وقت بورشات المنتدى حتى تنطلق وتيرة العمل سريعاً، وتبدأ مسيرة الإصلاحات في المؤسسات القضائية في لبنان.

مكونات «منتدى العدالة»
يتألف منتدى العدالة من جهتين أساسيتين، هما:
1- الجمعية العامة للمنتدى: تتمثل بالسلطة القضائية بكافة أجنحتها، من شأنها أن تكمل التّوجه الاستراتيجي العام للمنتدى، وهي مدعومة من قبل رؤساء مجموعة العمل الخاصة بقطاع العدالة ضمن إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار (RF3) المتمثلين ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والإتحاد الأوروبي.
2- مجموعات العمل المواضيعية: ستعقد فيها مناقشات تقنية حول المحاور الرئيسية لخارطة الطريق وتوصياتها، وستستأنس مجموعات العمل بالإستعراض الوظيفي للقطاع، وبخطط العمل المنبثقة عنه، وغير ذلك من الوثائق ذات الصلة. وستعمد المجموعات إلى تغطية مسائل محدّدة، على سبيل المثال:
- استقلالية السلطة القضائية، تكوينها، إختصاصها، صلاحيتها، وتفعيل مبدأ المساءلة.
- كفاءة نظام العدالة وشفافيته، ورقمنته وتسهيل حق التقاضي أمام الكافة.
- العدالة الجنائية وحقوق الإنسان.
- قضاء الأحداث، وحماية الطفل.
- القضاء الإداري.
سيتألف كل فريق عمل مواضيعيّ من أصحاب المصلحة المعنيين في القطاعات ذات الصلة، بما في ذلك ممثلو السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، ومنظمات المجتمع المدني. ومن نقابتي المحامين وكليات الحقوق والهيئات الرقابية المستقلة.
بالإضافة إلى ذلك، ستُتاح الخبرة الدوليّة لمجموعات العمل المواضيعيّة، لدعم المناقشات التقنية، وتسليط الضوء على أفضل الممارسات، والمعايير المقارنة
3- أمانة عامة (سكرتارية): تتألف من خبراء وطنيين، توفر التقنيات السليمة لفرق العمل المواضيعية وتدعم الجمعية العامة في صناعة خارطة الطريق.
لضرورة تأمين إستقلالية القاضي على مختلف الصعد، لا سيما إستقلاله عن السلطات السياسية


تتلخص أهداف «منتدى العدالة» بالأمور التالية:
- إجراء تقييم شامل للتحديات العديدة التي تواجه المؤسسات القضائية.
- تقديم الخدمات المتصلة بالعدالة.
- تحديد سُبل المضي قدماً في التصدي لهذه التحديات.
في نهاية المطاف، سيؤدي ذلك إلى وضع خارطة طريق شاملة لإصلاح وتطوير مرفق العدالة، ولن تقتصر هذه الخارطة على أولويات قصيرة المدى، بل سيتم تحديد أولويات متوسطة وطويلة الأجل تتماشى مع المعايير الدولية، ومع أفضل الممارسات التي تعزز المواءمة، وأوجه التآزر والتنسيق بين أصحاب المصلحة الوطنيين وبين أصحاب المصلحة الوطنيين والدوليين، وستسعى أيضاً إلى تعزيز استقلالية المؤسسات القضائية، وفعاليتها، إضافة إلى تفعيل مبدأ المساءلة، وتسهيل حق التقاضي أمام كافة الجهات القضائية المعنية.
سيسعى {منتدى العدالة} إلى رسم خارطة طريق أيضاً تساهم في تعزيز استقلالية المؤسسات القضائية، وفعاليتها، إضافة إلى تفعيل مبدأ المساءلة، وتسهيل حق التقاضي أمام كافة الجهات القضائية المعنية.