كيف ستتمكن الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا وكندا إخفاء أو تمويه أو تبرير جريمة الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يتمادى الإسرائيلي وحلفائه في ارتكابها منذ تشرين الأول من العام الفائت؟ أكثر من 40 الف فلسطينياً، من بينهم نحو 20 الف طفلاً وامرأة وعجوزاً ومريضاً ومعوّقاً قتلهم جيش العدو الإسرائيلي وحلفائه في قطاع غزّة المحاصر؛ مستخدماً اكثر من 80 الف طن من القذائف من الجو والبحر والبرّ. وركّز جيش العدو وحلفاؤه خلال عدوانهم المستمرّ منذ 198 يوماً على تدمير المستشفيات واستهداف الإسعافات والطواقم الطبية واعتقال الأطباء والممرضين، واقتيادهم، بعد تعريتهم من ملابسهم، الى أماكن التحقيق حيث تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب والاذلال. أما الجرحى والمرضى في المستشفيات، فقد وُجد عدد كبير منهم مدفونين في جوارها وقد ظهرت على بعض الجثث علامات تدلّ على انهم أُعدموا بعد تعرّضهم للتعذيب. كما قتل جيش العدو الأمّهات أمام اطفالهن خلال محاولتهم العودة الى بيوتهم في شمال القطاع، بالرغم تلويحهم بالرايات البيضاء قبل اطلاق النار عليهم.
وقد ابتكر جنود الاحتلال أساليب قتل جديدة من خلال استخدامهم الطائرات المسيّرة و"الذكاء" الاصطناعي لتحديد الأشخاص المستهدفين. ولم يتردد قادة العدو في الدعوة الى الإبادة الجماعية وتسوية غزّة بالأرض؛ وقرّروا تجويع الناس من خلال قطع المياه والكهرباء ومنع دخول الطعام والأدوية والمحروقات.
فصدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار يدعو الى ادخال المساعدات الإنسانية الى غزة؛ فضربه الإسرائيلي بعرض الحائط. وصدر قرار عن مجلس الامن الدولي يُلزم إسرائيل بوقف اطلاق النار خلال شهر رمضان، فارتكب جيش العدو 212 مجزرة وقتل 2248 فلسطينياً وجرح 3233 خلال الشهر نفسه.
وصدر كذلك عن محكمة العدل الدولية قرارين ملزمين بوقف القتل وعدم تدمير المنشآت المدنية والسماح بدخول الحاجات الأساسية والأدوية والمعدات الطبية، فشدد جيش العدو حصاره على القطاع ورفع وتيرة استهدافه للمدارس والمستشفيات وطواقم الأمم المتحدة.
وهكذا انتهى مسلسل التضليل الغربي الذي طالما عرّف الكيان الإسرائيلي على أنه دولة ديمقراطية راقية تسعى الى افضل العلاقات مع جيرانها وتحترم القيم التي يزهو بها الغرب ويعلّمها للأجيال الصاعدة. فبات العالم كلّه وخصوصاً جيل الشباب، يعلم ان "إسرائيل" مجرّد قاعدة عسكرية ومستعمرة أميركية أوروبية تغتصب ارض فلسطين. وبات واضحاً ان "إسرائيل" تتمادى في اجرامها ووحشيتها لأنها مطمئنّة للدعم الأميركي والاوروبي لها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً.
اما الخيانات العربية وما اكثرها فحدّث عنها ولا حرج. ولا جديد في هذا المجال في الاطار التاريخي العام. ولا عجب بخيانة بعض الدول العربية لغزّة هاشم إرضاءً لأسيادهم الاميركيين واستجابة لأحقادهم.