تونس ـــ نبيل درغوثوصل المخرج الفلسطيني نصري حجّاج الشهر الماضي إلى تونس لتصوير مشاهد من فيلمه الوثائقي عن الشاعر الراحل محمود درويش. حجاج ليس بالغريب عن الديار التونسية. إذ أقام فيها قرابة عقدين من الزمن، قبل عودته إلى لبنان، بلد لجوئه الأوّل. وبعدما لاحق قبور الفلسطينيين في الشتات من خلال شريطه الوثائقي «ظل الغياب»، ها هو يلاحق هذه المرة الأماكن التي عاش فيها الشاعر الفلسطيني الراحل. يقول حجّاج: «هذا العمل ليس فيلماً وثائقياً بالمعنى الكلاسيكي. هو لا يبحث عن طفولة محمود درويش، أو عن شبابه، أو مكان ولادته وأصدقائه ورفاقه... ولا أي من تلك التفاصيل التي يمكن أن يخوض فيها فيلم وثائقي عادي». ويضيف حجّاج: «مشروع الفيلم مبني على رؤية تجريدية وفراغات، وعلى أمكنة قرأ درويش فيها قصائد متفرقة، أو تناول فيها طعاماً أو شرب فنجان القهوة». وأوضح صاحب «ظل الغياب» أنّ المراحل السابقة من تصوير الشريط، شملت رام الله وبيروت وباريس والبرتغال وإسبانيا وكردستان. أما أماكن التصوير في تونس، فتتركّز على بلدة سيدي بوسعيد في ضواحي تونس العاصمة، والمسرح البلدي الذي ألقى فيه درويش قصيدة مودعاً فيها تونس عام 1994 بعد عودة منظمة التحرير الفلسطينية إلى رام الله، إضافة إلى بعض الأماكن من الجنوب التونسي.
ونصري حجّاج الذي تربطه علاقة خاصة بشعر درويش، يعبّر من خلال الشريط الجديد عن حبّه الكبير للشاعر من جهة ولشعره من جهة أخرى. وهو يعمل على فيلم وثائقي بنفَس روائي، تاركاً للشاعر الراحل أن يحضر من بداية الفيلم إلى آخره. وفي الوقت الذي نسمع قصائده بصوته، يظهر عدد من الشعراء من العالم يقرأون القصائد نفسها بلغات مختلفة. وسيعمد الشريط إلى تصوير الفراغات ــــ بالمعنى المادي والروحي ــــ التي تركها درويش بعد رحيله، مثل الأمكنة التي قرأ شعره من على منابرها، والبيوت والفنادق التي عاش فيها، والمطاعم والمقاهي التي كان من روادها، إلى جانب مشاهد تخيلية مستوحاة من قصائده. أما الموسيقى التصويرية فتحمل توقيع المؤلفة اللبنانيّة هبة القواس التي سبق أن تعاونت مع نصري حجّاج في فيلمه «ظل الغياب».
إذا كان لا بدّ لنصري حجّاج من اختصار تجربته بكلمة، فهو يراها «محاولة لإبراز الإحساس بالفقدان والحنين لهذا الشاعر الكبير، لهذا الرمز الذي رحل مبكراً».