القاهرة | هذه المرة، لم يخرج الخال على مروّجي شائعات موته، وأعلن رسمياً أمس عن وفاة الأبنودي بعد صراع طويل مع المرض. رحل صاحب السيرة الهلالية، في اليوم الذي رحل فيه صديقه، صلاح جاهين، كأن القدر أراد أن يربطهما، في النهاية كما ربط بداية الأبنودي بجاهين، الذي كان له فضل كبير في تقديم الأبنودي للناس، وتعريفهم على فارس الشعر الذي سيحمل الراية بعد جيل جاهين وفؤاد حداد. الأخير كان له باب ثابت في مجلة «صباح الخير» هو "قال الشاعر"، فقدمه جاهين إليه وأطلعه على القصائد التي كتبها.
جاهين قدم الأبنودي في بابه الشهير في مجلة «صباح الخير» الذي كان يحمل اسم "شاعر جديد يعجبني". العلاقة بين الأبنودي وجاهين كانت قوية، وكانا في التيار الذي ساند ثورة يوليو وكتب لها وعنها. وحتى عندما تفرقا بعد هزيمة 1967 ظل الاحترام بينهما. ورثى الأبنودي جاهين في قصيدة طويلة أسماها "موال .. وطقطوقة.. صلاح چاهين" جاء فيها: "عاش عمره يشبه نفسُه/ وفي صدقه شخص عادي/ أمله رماه ليأسُه/ قالّك: «بلاش السنادي» ورحل صلاح جاهين".
العلاقة القوية بين العملاقين، كانت سبباً في جمع أشعار جاهين في ديوان كامل، فبينما كان الأبنودي مصراً على ذلك ويلح على جاهين للإقدام على هذه الخطوة، كان جاهين غير متحمس للفكرة فتطوع الأبنودي لتلك المهمة. وذكر جاهين هذه الواقعة في تسجيل نادر عندما سأله المذيع: «مش هتجمع أشعارك في ديوان كبير يا أستاذ صلاح؟» ليجيبه: «والله أنا مكنتش ناوىي أجمع حاجة بس عبد الرحمن الأبنودي والست بتاعته (يقصد عطية الأبنودي)، وسلطوا كمان معاهم الواد بهاء ابني، أخدوا الدواوين القديمة بتاعتي، وراحوا الهيئة المصرية للكتاب وهيطلع ديوان كبير يضم كل اللي اتنشر من أشعاري في الماضى، بما فيها الأغاني الوطنية».
رحل الأبنودي تاركاً تاريخاً طويلاً، وحكايات لا تنسى عن أحداث مصرية وعربية كان شعره شاهداً وموثقا لها: "جوابات حراجي القط"، "أحلف بسماها"، "ابنك يقول لك يا بطل"، وهو نفسه كاتب "والله زمان يا سلاحي" و"ثوار" و"راجعين بقوة السلاح".