ما قد يهمّ المتفرّج أو الزائر في حدث كـ«بيروت آرت فير» (معرض بيروت للفن)، كميّة الأعمال الفنيّة المنوّعة التي يتاح له رؤيتها في وقت ومساحة واحدة. هو السبب نفسه الذي يستقطب مقتني الأعمال الفنية وأصحاب الغاليريات الذين يجدون فيه فسحة للتلاقي ولعرض ما راكموه في الأشهر والسنوات الماضية. لذا، يصعب حصر ما يحويه المعرض من تجهيزات فنية معاصرة، ولوحات عربيّة وعالميّة وتجارب حديثة وفوتوغرافية تعرض حتى نهار غدٍ الأحد في «سيسايد أرينا» (بيال سابقاً). الدورة التاسعة من «المنصّة الفنية الإقليمية»، وفق توصيف المنظّمين في الكتالوغ، تتخذ من «خلق جسور بين الفنانين والعامّة» مهمّة لها. تتسع الحصيلة هذه السنة لـ 250 فناناً و52 صالة، من بينها ما يشارك للمرّة الأولى، وهو عدد قريب من الدورة الفائتة. تتجاور أجنحة لغاليريات لبنانية، مع غاليريات من حوالى 20 بلداً: المغرب وإسبانيا وتايوان وبلجيكا وأميركا، والأردن وفلسطين وبريطانيا وسنغافورة وسويسرا وبيلاروسيا وسوريا وإيطاليا، بالإضافة إلى حضور لافت للغاليريات الفرنسية (11)، والأفريقية من الكاميرون وساحل العاج والسنغال، فضلاً عن أربع صالات مصرية تظهّر أعمال أبرز فنانيها، أمثال: عادل السيوي، يوسف نبيل، سعاد عبد الرسول وإبراهيم الدسوقي.
«معبد باخوس في الليل» لمانوغ أليميان (1963 ــ أرشيف الـ AUB)

تتفاوت توجّهات المعرض بشكل عام، إذ تخضع لاهتمام الصالات وأرشيفاتها وفنانيها. «غاليري آرت لاب» تضيء على أعمال لفنانين شباب محليين وعالميين بوسائط مختلفة تراوح بين التصوير الفوتوغرافي والرسم والفيديو والتجهيز لعلي رضا شجاعيان وديمتري حداد وأليساندرو ريزي. «غاليري ألوان» التي تشارك للمرّة الأولى، استعادت أعمالاً لأجيال مختلفة من الفنانين اللبنانيين، من بينها لوحتان لفؤاد عوّاد، وأخرى لحسن جوني وزينة عاصي، كما عرضت جديد فاطمة الحاج.
أما «غاليري أجيال»، فتحاول أن تؤرخ لخمسين سنة من النحت التجريبي تمتدّ بين عامي 1968 و2018، عبر منحوتات وتركيبات فنية فقط لسلوى روضة شقير، وجنان مكي باشو، وأيمن بعلبكي وسروان باران وزياد أبي اللمع... «غاليري تانيت» ركّزت على بعض التجارب المتعدّدة الوسائط، مثل صندوق ديوراما من مشروع «الزهرة لم تولد في يوم واحد» لرندا ميرزا، ومصوّريها الفوتوغرافيين: جيلبير الحاج ونديم أصفر وسيرج نجّار وجمانة جمهوري.
وباستثناء لوحة لزاد ملتقى، تنبش «غاليري جانين ربيز» أرشيفها الحديث من الستينيات والسبعينيات والثمانينيات لهوغيت كالان، وجميل ملاعب، ولور غريّب وإتيل عدنان وشفيق عبود. الفن الحديث حاضر بشكل أساسي أيضاً في «لبنان الحديث ــــ تحيّة إلى بول غيراغوسيان».
وفي ذكرى رحيله الـ 25، يستعيد المعرض (بالتعاون مع «مؤسسة بول غيراغوسيان») الفنان اللبناني (1926 ــــ 1993) من خلال وثائق ومجموعة من أعماله تمتدّ ضمن إطار زمني من الأربعينيات حتى التسعينيات، ستتيح للزائر تلمس تطوّر لوحة الفنان منذ بداياته، على صعيد الألوان وتركيب اللوحة، والخطوط…
في المقابل، يولي البرنامج اهتماماً للتجارب المعاصرة لفنانين عالميين ومحليين ودعمهم، من بينهم المصوّر المغربي هشام بن هود، والسوري عقيل أحمد بجمعه الكاليغرافيا مع الرسم، والأردني زيد شوّا، والفلسطيني فؤاد أغبارية، والنيجيري لطيف أوماجوموكي. ورغم حضور الفوتوغرافيا في الدورات السابقة وفي أجنحة الدورة الحالية، إلا أنها تحلّ هذه السنة ضيفاً أساسياً في معرض «ما وراء الحدود» الذي يغطي حوالى قرن من التاريخ اللبناني من خلال التصوير، منذ نهاية القرن التاسع عشر.

«من دون عنوان» لسارو (1960)

في المعرض الذي نسّقه جامع الصور طارق نحّاس، نحن أمام صور أكثر من أربعين مصوّراً وفناناً، تتقاطع مع سرديات وتواريخ أساسية، وتندرج تحت ثلاث ثيمات: الحميمية، والوثائق، والأرض. البدء مع الصور التوثيقيّة والأنثروبولوجية للفرنسي فيليكس بونفيس، ولقطات المصوّر المجهول لامرأة في أحد فنادق بيروت، وفترة الحرب مع ألين مانوكيان، وفؤاد الخوري، وباتريك باز، وجورج عازار. يصل المعرض إلى استخدامات الصورة المعاصرة والتجريبية لدى جيل آخر من الفنانين اللبنانيين، أمثال: أكرم زعتري، رانيا اسطفان، زياد عنتر، لارا تابت، تانيا طرابلسي ورائد ياسين. وفي موازاة «بيروت آرت فير»، خرجت بعض المنحوتات والتجهيزات الفنية والفيديوات إلى مواقع مختلفة من العاصمة ضمن «بيروت آرت ويك». في شارع عمر الداعوق، وفي أسواق بيروت وحديقة سمير قصير وأماكن أخرى، تنتشر أعمال لشارل خوري، وستيفانو بومباردييري، وفيليب عرقتنجي، ونبيل حلو، وجان بوغوصيان، وكاتلين نوندورف وآخرين، سيتمكّن المارة من مشاهدتها حتى 25 أيلول (سبتمبر) الحالي.

* «بيروت آرت فير ــــ 9»: حتى مساء الغد ــــ «سيسايد أرينا» (البيال سابقاً ــــ بيروت). للاستعلام: 03/386979