القدس المحتلة | يكاد حضور الشباب في المسرح الفلسطيني أن يكون معدوماً وسط غياب المسارح الشبابيّة ومسارح الجامعات، وشُح انتاجات المسرح الفلسطيني. منذ اتفاقية أوسلو، تحوّل المسرح الفلسطيني إلى مؤسسات غير حكومية تخضع لشروط ممولها وأجندته، مما أفضى إلى أعمال بلاستيكيّة أفقدت الجمهور الثقة بالخشبة التي لم تعد تُمثله إلا باستثناءات نادرة. هكذا، باتت القاعات خالية، إلّا من العاملين فيها وذوي القربى والممولين. ولعل أبرز المتضررين من تراجع دور المسرح هو جيل الشباب المسرحي.
قبل أشهر قليلة، انطلقت فرقة «هَوَس» المسرحية على يد أربعة ممثلين شباب يأملون أن تكون منبراً للشباب وأعمالهم، وتعيد شيئاً من القيمة التي فقدها المسرح. بحماسٍ كبير، بدأت «هَوَس» أول عروضها، أو بالأحرى مخاطراتها بتقديم أربع قراءات مترجمة من المسرح الألماني المعاصر. افتُتحت العروض أول من أمس الخميس على خشبة «المسرح الوطني الفلسطيني» (الحكواتي) في القدس، بقراءة تمثيليّة تكاد أن تكون أقرب إلى العرض المسرحي الكامل لنص «الرجل الذي أكل العالم» لنيس مومه شتوكمان (1981) وترجمة محمد أبو زيد. المسرحية التي حصلت على جوائز عدّة كجائزة المؤلفين وجائزة الجمهور في هايدلبرغ (2009) تطرح تساؤلات كثيرة حول مفهوم الحرية من العائلة، والعمل في دولة رأسماليّة، وصدق العلاقات وغيرها من التزامات الحياة اليوميّة التي تحاصر الشخصية الرئيسيّة في العمل (الإبن) الذي استعاض الكاتب عن اسمه بثلاث نقاط (...).
وفِّقَ الشباب في اختيار تجربتهم الأولى في الوقت الذي يفتقر فيه المشهد الفلسطيني لنصوص مسرحية حديثة. خِفة وثقة كبيرتان رافقتا الممثلين وهم يُقَلِّبون صفحات نصوصهم، رغم الأخطاء النحويّة ومخارج الحروف التي لم يُتقنوها في أماكن كثيرة، مما أثَّرَ سلباً في إيقاع النَص المُترجم بالفصحى التي لا تجيدها غالبية المسرحيين الفلسطينيين. لكن هذا لا يقلل من أهمية هذه التجربة الجماعيّة الحقيقية بين النص، والممثلين، من دون أن نستثني الجمهور الذي قدمت له الفرقة استمارات جادّة لتقييم عملها والنص نفسه.
تأتي هذه القراءات ضمن سلسلة «بالعربي مسرحيات من ألمانيا» التي عملت معاهد «غوته» خلال السنوات الثلاث الماضية على ترجمتها، بهدف تعريف الجمهور العربي بالدراما الألمانية المعاصرة، حيث عُرضت مسرحية «الرجل الذي أكل العالم» وغيرها ممّا تضمه السلسلة في لقاءات «ميم 6» في الاسكندرية قبل عامين. ومن المقرر أن تُقَدم فرقة «هَوَس» الفلسطينية أربعة نصوص تختارها من السلسلة التي تضم 12 نصاً مسرحياً.
* «الرجل الذي أكل العالم»: 18:00 مساء اليوم ـــ «المركز الثقافي الألماني الفرنسي»، رام الله. (ينتقل العرض غداً إلى الخليل قبل أن يختتم الأربعاء في نابلس)