في الذكرى التسعين لولادة توماس برنار (1931-1989) هذه السنة، عاد الروائي والمسرحي والشاعر النمسوي إلى الضوء في مؤلّفات وفعاليات عدّة، من بينها كتاب كوميكس أنجزه الفنان الألماني نيكولاس ماهلر بعنوان «سيرة غير صحيحة»، ويستعيد أبرز مراحل سيرة الكاتب الراحل. غير أن أبرز المؤلّفات التي صدرت بداية السنة الحالية، هو سيرة مختلفة تتناول جانباً شخصياً وقاتماً من حياته. الكتاب الصادر بالألمانية يحمل عنوان «الحياة بجانب توماس برنارد: تقرير» كتبه أخ الكاتب غير الشقيق بيتر فابيان عن الحياة الخاصة لأخيه، وفيه يكتب ما يكاد يختصر المؤلّف: «كانت حياتي حياة برفقة شبح، شيطاني حقّاً». لا يزال الكتاب حتى الآن يتصدّر الكتب المقروءة في النمسا هذه السنة، إذ لا يزال ضمن قائمة الكتب الـ 10 الأكثر مبيعاً. ففيما كان برنار منضبطاً في صورته العامة، وغزير الإنتاج كفنان، كانت له شخصية مختلفة تماماً بين الأصدقاء والمقرّبين وأفراد العائلة، إذ كان شخصية ضعيفة وجريحة تتأرجح ما بين «المودّة والازدراء البارد لمن هم حوله». يكتب فابيان أكثر عن علاقتهما المعقّدة وذكرياتهما معاً. يستذكر مرافقته لبرنار في الحفلات الأدبية، والفعاليات الثقافية، لكن كرفيق «صامت» فحسب، كسائق لبرنار وكخادم له يجلس على طاولة بمفرده بينما كان أخوه يجالس شخصيات سياسية وأدبية وفنية. كذلك، لعب فابيان دور الطبيب حين أصيب برنار بمرض الساركويد سنة 1978، حيث أن فابيان الذي درس الطب، كان يزور برنار يومياً في سنواته الأخيرة وكان بجانبه حين توفّي سنة 1989.
هذه العلاقة المقرّبة مع أخيه دفعت فابيان إلى الكشف عن شخصيّة برنار في المؤلّف، بعيداً عن سحر شخصيّته الأدبية العامّة، خصوصاً في علاقاته مع المقرّبين منه. «ما إن يمتنع المقرّبون منه عن منحه ما يريد، كان يتجاهلهم ببرود»، مضيفاً أنه كان «مصاص دماء». هكذا يروي فابيان حياته مع أخيه، التي قضاها في ظلّه فحسب. يستعيد في الكتاب حياة العائلة القاسية وظروفها الصعبة والطفولة خلال الحرب، كما يستذكر أسفارهما معاً إلى أميركا والبرتغال، ومعاناته مع مريضه الاستثنائي في تقرير وصفه النقّاد بأنه الأكثر صدقاً عن حياة برنار.