يبدو «باتريا» أحد أكبر النجاحات الأدبية على الشاشة، لكنه لم يأخذ حقه إعلامياً. سلسلة من ثماني حلقات عرضت على HBO من إخراج فيليكس أوسكار. العمل الذي حاز جائزة Ondas لأفضل مسلسل درامي، ربما لم تعرف الشركة المنتجة أن تختار الطريقة الأنسب للترويج له، على الرغم من أنه أول إنتاج أوروبي من قبلها يُعرض للمرة الأولى في أوروبا وأميركا اللاتينية والولايات المتحدة في وقت واحد.هل كان متوقعاً حصوله على تلك الجائزة؟ ربما. عندما عُرض للمرة الأولى على شبكة HBO، قوبل مقتبس الرواية فرناندو أرامبورو بحفاوة نقدية، خصوصاً أنّ المحتوى التلفزيوني الاسباني كان يتجنّب تقديم أي شيء له علاقة بحركة ETA الانفصالية التي كانت تسعى منذ نهاية الخمسينات إلى الانفصال بإقليم الباسك عن إسبانيا وتأسيس دولة مستقلة اشتراكية. فكانت كل نشاطاتها المسلحة العنيفة من قتل وتفجير واختطاف، من أجل تحقيق هذا الهدف، مما أدى إلى مقتل المئات وجرح الآلاف.
صنّف النّقاد الأدبيون الاسبان رواية فرناندو أرامبورو كواحدة من أهم رواياته. إذ أدى تحويل الرواية الى مسلسل لأن يكون وقعه صعباً على المشاهدين. تجري المؤامرة في بلدة خيالية في غويبوزكوا، حيث مارست جماعة إيتا القمع السياسي. تصف القصة الفترة الطويلة لصراع الباسك، منذ الهجوم الأول في عام 1968، فتصور الصراع المسلح في منطقة أوسكادي من خلال قصة عائلتين في اقليم الباسك في اسبانيا.
وفي السياق، يروي مسلسل باتريا قصة قتل جرت على يد عصابة إيتا لرجل الأعمال الباسكي تكساتو، في الثمانينيات في بلدة غويبوزكوا أوسكادي. وربط هذا الحادث بإعلان إيتا وقف إطلاق النار في عام 2011 وعزم أرملة تكساتو بيتوري، على معرفة ما حدث لزوجها. تقفز الأحداث بين لحظتي القصة في سرد ​​مضطرب عمدًا يعيد النظر في بعض الحقائق في عدة حلقات.
يتضمن «باتريا» طاقماً من الممثلين المحترفين بالاضافة الى سيناريو متسلسل بطريقة منظمة. كل ذلك بنبرة رمادية كما لو أن الشمس لم تشرق أبداً في بلاد الباسك بسبب الإرهاب وصمت المجتمع المنكسر.
تتعامل السلسلة مع القضايا ذات الكثافة العاطفية الشديدة، فكلها قصص مكونة من أجزاء وأجزاء لطالما سمعها جميع سكان اسبانيا بشكل أو بآخر، وإن كانت بصوت منخفض، فهي محفورة في عائلاتهم ومعروفة جداً. لعب المخرج فيليكس على استخدام لقطات أرشيفية ومحادثات ومواجهات، فيما تشعر حبكة المسلسل كل من شاهده بالحيرة فلا يمكنه تنبؤ ما سيحدث.
يعطي المسلسل صوتاً لجميع وجهات النظر حول هذا الصراع، إلا أنّ الثابت فيه أن الدم والعنف ليسا الحل الوحيد في حياة البشر.