نجحت الشاعرة التونسية فاطمة بن فضيلة في تحويل آلامها ومعاناتها مع مرض السرطان إلى قصيدة. بعد سنوات من معايشة الألم والعلاج الكيميائي وتساقط الشّعر، أصدرت الشاعرة قبل أيام مجموعة شعرية جديدة بعنوان لافت وذي دلالات لضحايا السرطان الخبيث من النساء هو «حمّالة صدر بعين واحدة» (دار وشم تونس ـــ 2022).الشاعرة التي أصدرت مجموعتها الأولى في 2005 بعنوان «لماذا يخيفك عريي»، تواصل في نفس اختيارها لقصيدة النثر، محافظةً على نفس النبرة الشعرية والتفكير بصوت عال ضد العقل الذكوري والذهنية العربية التي تصادر أصوات النساء.
تضمّنت المجموعة 45 قصيدة وهي نصوص مفتوحة تدوّن من خلالها الشاعرة يومياتها بين أدوية السرطان وممرات المستشفى ووجوه الأطباء ومساعديهم وآلام زميلاتها في مقاومة الوجع.
هذا الكتاب هو الأوّل من نوعه في تونس في تدوين يوميات العلاج الكيميائي. ورغم ما يطفح به الكتاب من حزن وخيبات ومرارة، إلا أنه يطفح أيضاً بروح مقاومة المرض ومقاومة الموت الزاحف الذي نجحت الشاعرة في التعايش معه والانتصار عليه.
الشاعرة أهدت كتابها إلى «نساء مستشفى عبدالرحمان مامي؛ قسم السرطان؛ واقفات رغم الكيميائي، جميلات رغم البتر؛ متشبثات بالحياة رغم شحّ الدواء». إهداء يحيلنا على آلاف أو ربّما ملايين النساء في كل بقاع العالم المتشبثّات بالأمل في الانتصار على الورم الخبيث فـ «الخال الذي تحبّ/ ذهب مع النّهد ليحرسه…/ اللّيل موحش يا حبيبي/ ومقبرة النّهود بلا حارس».
هكذا تتهاطل قصائد الشاعرة فاطمة بن فضيلة في مواجهة الألم والمرارة كما تتهاطل الأمطار في شتاء حزين، لكن الشعر يمنحها قدرة عظيمة على الانتصار على الوجع الذي يفتك بالجسد لكنّه لن يقوى على اختراق الروح المتشبثّة بالحياة وبالشعر كرؤيا تختزل نظرة الشاعرة إلى الحياة والعالم.