يجمع «متحف تيسن بورنميزا» في مدريد منذ أوّل من أمس الثلاثاء لوحات بابلو بيكاسو (1881ــ 1973) الطليعية وتصاميم الأزياء الرصينة العابرة للزمن من كوكو شانيل (1883 ــ 1971)، في حوار فني بين عملاقي الموضة والفن التشكيلي في القرن العشرين. ويندرج معرض «بيكاسو/ شانيل» ضمن الأنشطة المقرّرة لإحياء الذكرى الخمسين لوفاة الرسام المولود في ملقة في إسبانيا عام 1881 والذي توفي في موجان (فرنسا) عام 1973. ويقيم البلدان أكثر من 40 معرضاً استعادياً في مختلف أنحاء العالم في هذه المناسبة.
يعرض المتحف المدريدي إلى 15 كانون الثاني (يناير) 2023 نحو خمسين قطعة لمصمّمة الأزياء الفرنسية الكبيرة تتداخل مع لوحات ورسوم لبيكاسو، سعياً إلى إبراز أوجه التشابه بينهما.
وأوضحت القيّمة على المعرض، باولا لوينغو، خلال مؤتمر صحافي أنّ قاعات المتحف تحتضن «حوارات محفِّزة بين الأعمال الطليعية لبابلو بيكاسو والإبداعات المبتكرة لشانيل».
وقُسّمت المعروضات وفق الترتيب الزمني، إذ يضمّ القسم الأول على السواء لوحات للرسام وقطعاً من دار الأزياء الراقية بهدف إظهار «التأثير الذي مارسه بيكاسو على تصاميم أزياء شانيل»، على ما شرح المدير الفني للمتحف غييرمو سولانا.
ويلاحَظ مثلاً أنّ معطفاً صمّمته شانيل بين عامي 1918 و1919 مستوحى من درجات اللونين الأسود والبني والخطوط في لوحة «رأس رجل» التكعيبية (1913).
أما القسم الثاني من المعرض الذي يركّز على زوجة بيكاسو الأولى الروسية أولغا خوخلوفا، فـ«يتغيّر اتجاه التأثير» فيه، على ما قال سولانا.
ففي اللوحات التي رسم فيها بيكاسو ملهمته أولغا، وكانت زبونة منتظمة للمصممة الفرنسية ترتدي أزياءها باستمرار، «يواجه الرسام مشكلة خطوط شانيل المستقيمة (...) ويعمل على إعادة ابتكار ما ابتكرته شانيل»، في نوع من «حوار بين مبتكرين»، بحسب سولانا.
ومن المعروضات في هذا القسم فستان من تصميم «شانيل» يعود إلى عام 1922، رمادي اللون مع فرو أبيض على الياقة والمعصمين، مشابه جداً لذلك الذي ترتديه شخصية لوحة المهرّج لبيكاسو عام 1923.
ويتمحور القسمان الأخيران من المعرض على الفرص التي سنحت لشانيل وبيكاسو اللذين التقيا عام 1917 وكان لهما أصدقاء مشتركون كثر، لأن يتعاونا بشكل مباشر.
كما تُظهر هذه الأعمال التعاونية «حواراً بين الموضة والرسم والشعر والموسيقى والمسرح والرقص والفنون، كان في صميم المشاهد الثقافية الإبداعية والتجريبية لفترة ما بين الحربين العالميتين ويشكل موضوع هذا المعرض»، على ما قالت سيسيل دوبريه، رئيسة «متحف بيكاسو» في باريس الذي أعارت متحف تيسن في مدريد قطعاً عدداً من أعمال الفنان لاستخدامها في هذا المعرض.