جلسة سمع جديدة تنظمها «مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربية» (آمار) في 20 أيلول (سبتمبر) في «متحف سرسق». وهذه المرة نعود في الزمن إلى تاريخ انعقاد «مؤتمر القاهرة للموسيقى العربية» عام 1932 من خلال تسجيلات من هذا الحدث يقدّمها الباحث جان لامبير تحت عنوان «الأثر العربي والعالمي لتسجيلات المؤتمر».
ضم بعض الموسيقيين العرب المشهورين أمثال عبد الوهاب

انعقد مؤتمر الموسيقى العربية، أحد أهم الأحداث في أوائل القرن العشرين، في القاهرة في عام 1932 بمبادرة من الملك فؤاد ملك مصر. وكان البارون ديرلانجي، المستشرق وعالم الموسيقى الشهير، هو المحفِّز على إقامة المؤتمر ونائب رئيس اللجنة المنظمة. في ذلك الوقت، ظهرت شخصية أثّرت بشكل كبير على مجرى الأمور، وهو العازف الموسيقي محمود أحمد الحفني (1896 – 1973)، أمين عام المؤتمر. وكانت أول محاولة جدية لإنشاء قاعدة علمية جماعية للموسيقى العربية لدراسة مستقبلها. جمع المؤتمر عدداً كبيراً من المتخصّصين في المجال الغربي والشرقي. وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت إليه، وخصوصاً في ما يتعلق بكثافة المستشرقين المدعوين، واستبعاد موسيقيين وعلماء موسيقى عرب مرموقين، إلا أنه كان من أكثر المؤتمرات الموسيقية تأثيراً في القرن.
توزّع العمل على سبع لجان، تولّى كل منها ناحية مختلفة: الموضوعات العامة، المقامات، الإيقاعات والتأليف الموسيقي، السلم الموسيقي، الآلات، تسجيل الموسيقى من بلدان مختلفة، التعليم الموسيقي بالإضافة إلى تاريخ الموسيقى والمخطوطات القديمة. وضمت هذه اللجان بعض الموسيقيين العرب المشهورين وغيرهم ممن اشتهروا في ما بعد مثل محمد عبد الوهاب، وسامي الشوا، والشاعر أحمد شوقي. كما جمعت نحو 30 مشاركاً من الدول الغربية مثل المؤلف بيلا بارتوك والبروفيسور هنري فارمر وغيرهما.
من ناحية أخرى، كان للتقدم التكنولوجي في هذا القرن تأثير إيجابي على التدوين والتسجيل الموسيقي، مع العلم أنّ التقاليد الموسيقية كانت تنتقل شفهياً بشكل شبه حصري في القرون السابقة. وكانت الموسيقى في بداية هذا القرن عرضةً لانتقادات عنيفة. واعتبر بعضهم أنها تتجه نحو التراجع. وانتقدوا بشكل رئيس التأثير المفرط للموسيقى الغربية والاعتماد الكبير على الثقافة غير العربية. كانت معاهد الموسيقى تستخدم الآلات الغربية، وخصوصاً البيانو، لأغراض تعليمية، إلى جانب الآلات الشرقية التقليدية. أما التخت الشرقي، فقد بدأ بالتراجع. وقد حاول عدد لا بأس به من الموسيقيين الحفاظ على خصائص الموسيقى العربية، كما كانت هناك محاولات غير مثمرة لاعتماد البيانو الشرقي خلال مؤتمر القاهرة.
رأى المؤرّخ والباحث فيكتور سحاب أنّه أحد أهم المؤتمرات الموسيقية العربية


في مقدّمة كتابه «مؤتمر الموسيقى العربية الأول»، رأى المؤرّخ والباحث فيكتور سحاب أنّ هذا المؤتمر هو أهم المؤتمرات الموسيقية العربية لأنه ناقش وتوصل إلى قرارات ما زالت تشغل الفنانين في الموسيقى العربية المعاصرة منها ما يتعلق بكيفية الإفادة من آلات الموسيقى العربية والتربية الموسيقية وحفظ وتدوين الموسيقى العربية. خلال هذا المؤتمر، سجّلت شركة «غراموفون» ــ بحسب سحاب ــــ 150 أسطوانة للمؤتمر. وفي إطار الأبحاث التي تقيمها «مؤسسة التوثيق والبحث في الموسيقى العربيّة؛ في مادة هذه التسجيلات، تستضيف خلال جلسة سمع، عالم الأنثروبولوجيا وموسيقى الشعوب المتخصص في تاريخ الموسيقى في اليمن وشبه الجزيرة العربية جان لامبير، وهو أيضاً صاحب الكثير من الأسطوانات المتعلقة بالموسيقى العربية التقليدية. سيطرح لامبير أسئلة عدة تتعلق بتلك التسجيلات والاستنتاجات عن موسيقى الماضي والدروس التي تقدّمها للحاضر والمستقبل ضمن جلسة مفتوحة للجميع في «متحف سرسق» الأسبوع القادم.

* «جلسة سمع» حول مؤتمر القاهرة للموسيقى العربية عام 1932 عبر رصيد تسجيلات هذا الحدث: س:18:00 عصر الأربعاء 20 أيلول (سبتمبر) ــ «متحف سرسق» (بيروت) ـــ للاستعلام: 03/149917