ثمة تماهٍ شعبيّ عميق وعريق في إيرلندا بضفّتَيها المحتلّة والحرّة مع النّضال الفلسطيني. تعمّقت علاقات التضامن الكفاحي بشكل خاص بين المنظمات الفدائيّة اليساريّة والجيش الجمهوري الإيرلندي خلال مرحلة الثورة الفلسطينية في السبعينيات والثمانينيات على نحو لا تزال أصداؤه في الشارع الإيرلندي حيّة إلى اليوم، حتى لا يكاد يخلو زقاق في أحياء بلفاست الكاثوليكيّة (الخاضعة للاحتلال البريطاني) من جداريّات تربط مقاومة الشعبين الفلسطيني والإيرلندي، فيما يبدو مألوفاً مشاهدة الأعلام الفلسطينية جنباً إلى جنب مع الأعلام الإيرلنديّة في كل أنحاء الجزيرة، بما في ذلك مباني البلديات، وحتماً في المسيرات الشعبيّة الأسبوعيّة الضخمة المؤيدة للفلسطينيين التي تشهدها العاصمة الإيرلنديّة ومدن أخرى منذ السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) 2023. انسحب هذا الموقف الشعبي المتقدّم على طبقة المثقفين الإيرلنديين، كتّاباً وشعراء وفنانين وموسيقيين، فانخرط أبرزهم على مدى الأسابيع القليلة الماضية في فعاليّات ثقافيّة وأدبيّة بمشاركة من كتّاب وأدباء فلسطينيين جابت مدن إيرلندا من بلفاست عاصمة الشمال المحتل، إلى دبلن عاصمة الجمهورية، مروراً بكورك وغالواي، إضافةً إلى أمسية في لندن. خصّص ريع هذه الأنشطة لدعم جمعيّة تتولى تقديم العون الطبيّ إلى الفلسطينيين. ووفقاً للمنظمين، فقد نفدت تذاكر أغلب الفعاليات في أقل من ساعة واحدة على طرحها، ما مكّن من جمع أكثر من 30 ألف يورو.

وشارك في الفعاليات التي نظّمها تجمّع «كتّاب إيرلنديون من أجل فلسطين»، وتجمّع «شعراء إيرلنديون من أجل فلسطين»، بالتعاون مع مظلّتهم الجامعة تجمّع «فنانون إيرلنديون من أجل فلسطين»، ألمع الأسماء في سماء الثقافة الإيرلنديّة: بمن في ذلك سالي روني، وآنا بيرنز، وكيفن باري، وبول لينش، ودوريان ني غريوفا، ونيكول فلاتري، ومارك أوكونيل، إلى جانب الفلسطينيين أحمد مسعود، وفادي جودة، وبانا أبو الزلف. وترافقت القراءات مع مشاركات من عازفين موسيقيين مرموقين من إيرلندا.
ويقول المثقفون المشاركون في هذه الأنشطة بأنه إلى جانب جمع الأموال من أجل مساعدة سكان غزّة، يأملون بأن يكون لصوتهم دور محفّز للجمهور سواء في إيرلندا أو حول العالم، لفعل شيء من أجل وقف المذبحة المستمرة في القطاع منذ حوالى ثمانين يوماً، وذهب ضحيتها إلى الآن أكثر من عشرين ألف شخص نصفهم أو أكثر من الأطفال. وقد قصد تجمّع «كتّاب إيرلنديون من أجل فلسطين» إشراك كتّاب ومبدعين فلسطينيين في كل أنشطته، كرسالة في الرّد على القمع الذي تواجهه الأصوات المتعاطفة مع النضال الفلسطيني سواء في الأراضي العربيّة المحتلة، أو في أوروبا والولايات المتحدّة.
الكاتبة الشهيرة سالي روني، التي اعتذرت في عام 2021 عن عدم منح حقوق ترجمة رواياتها الواسعة الانتشار إلى العبريّة لناشر إسرائيلي التزاماً منها بالمقاطعة الثقافيّة للكيان العبريّ، لم تتمكن من المشاركة شخصياً في أمسية دبلن بسبب إصابتها بكوفيد 19، لكنّها ارتأت أن تعوّض جمهورها عبر الفيديو، فقرأت لهم مقتطفاً من «رسالة من غزّة»، وهي قصّة قصيرة كان كتبها القائد الفلسطيني الشهيد غسّان كنفاني (متوافر على موقعنا).
بدورهم، نظّم شعراء إيرلنديون من أجل فلسطين أمسية للغايات النبيلة ذاتها استضافتها إيرين فورنوف وشارك فيها شعراء إيرلنديون وفلسطينيون هم: نيدهي زاك/ أريا إيبي، وإيليان ني تشويليانين، وشون هيويت، وجيسيكا تراينور، وماجد مجيد، ومصطفى كشكية، وجين كلارك، وستيفن ريّا. ورافقت القراءات موسيقى شجيّة عزفتها فرح إيل.
وكان تجمّع «فنانون إيرلنديون من أجل فلسطين» قد افتتح صفحة خاصة على موقعه لبيع القمصان المؤشرة بشعارات تحيي غزّة والشعب الفلسطيني يُرصد ريعها بالكامل لجهود العون الطبيّ في الأراضي المحتلة.

https://irishartistsforpalestine.com/fundraising/