تأخّرتُ كالعادة عن موعد الإحتفالية لإحياء الذكرى السابعة لغياب الشاعر محمود درويش التي أقيمت في «مركز معروف سعد الثقافي» أمس. قد يعود السبب إلى جنسيّتي اللبنانية التي تمنحني «العذر الشرعي» للتأخّر، أو لِلوم «عجقة سير الأحد» من بيروت إلى صيدا. وصلت إلى المركز وتهيّات لبدء أمسية «زهر اللوز..أو أبعد» التي تنظمها «فرقة منوال المسرحية» و«الجمعية الثقافية» لمؤسسيها، جاد حكواتي ورؤى بزيع. كانت الصالة تضجّ بالحضور المُتعطّش لسماع كلمات الضيوف، من ضمنهم الفنان مارسيل خليفة، في إحياء ذكرى محمود درويش. برنامج الحفل تضمّن مشهداً مسرحياً لقصائد درويش أدّته «منوال»، وشهادات حيّة من الشاعر شوقي بزيع الذي ألقى كلمة لاقت استحساناً كبيراً من الجمهور لما تحتويه من مشاعر جميلة أُلقيت بأسلوب الشاعر بزيع الراقي والمُبدع. أُلقيت أيضاً خلال الحفل كلمة للباحث الأستاذ صقر أبو فخر الذي تكلم عن مواقف صداقته مع درويش، ثم كان الختام مع مارسيل خليفة الذي غنّى ولحّن وخلّد كلمات محمود درويش على مرّ السنين.

وعد مارسيل الجمهور بمفاجأة بعد العرض الموسيقي. العرض تضمّن الفنانة أمل كَعوش التي ألقت مختارات شعرية وغناء جميلاً، تلاه غناء وعزف عود متميز للفنان ربيع سلامة وعازف الطبلة رمزي المصري. الاثنان أدّيا بعضاً من أجمل أغاني مارسيل خليفة، بالإضافة ألى أغنية «قالوا عنّي لاجئ» (كلمات وألحان سلامة) التي أبدى الحضور إعجابه الشديد بها من خلال حماسة المشاركة والتصفيق الحارّ. من ثمّ كانت «المفاجأة» التي وعد بها مارسيل: عرض سينمائي لأوبريت «أحمد العربي» تغنّي فيه الفنانة أميمة الخليل ومارسيل نفسه. خاب أمل بعض الحضور من تلك «المفاجأة»، بخاصة عند معرفته أن مارسيل لن يُغنّي ولو أغنية واحدة في تلك المناسبة «الدرويشية» وفي ذلك المكان «المعروفي» الجنوبي. لم يُشبع مارسيل عطش الحضور لسماع كلمات خلّدها صوته وخلّدته كلماتها. فلا «ريتا» و لا «خبز أمي» شفعتا للجمهور لإرواء هذا العطش، ربّما لنقصٍ في التحضيرات الصوتية الخاصة في هذه الظروف أو للتماشي مع برنامج الحفل. لكنّه مارسيل، موجود جسداً وروحاً في عاصمة الجنوب المقاوم، على بعد أمتار قليلة من «معروف القلعة» البحرية التي حملها معه عبر البحار، وأحيت قلوباً وأنعشت أرواحاً. نعم كانت هناك لكلمة في إحياء ذكرى توأمه، لكنّ مارسيل الَمرجو في هذا الزمان والمكان، لم يكُن.
انتهى العرض، والتقيت مارسيل الإنسان الجميل قلباً وقالباً في مكتب السيد معروف مصطفى سعد، رئيس «مركز معروف سعد الثقافي» الذي عجّ بالمصوّرين والمشاركين والمنظمين للحفل. أحببت الإنسان في مارسيل خليفة، لكنّي لم أتمالك نفسي من معاتبة الفنان الذي فيه، ولو ضمنياً، لعدم إلقاء التحية لقلعة صيدا في عقر دارها المناضل. لمارسيل الشكر في تلبية الدعوة في هذه المناسبة، ولجمهوره الحرية في لومه على قدر محبّته له.