ظنّ الجميع أنّ «مكتب مكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية الملكية الفكرية» (ضابطة عدلية) لن يتعرّض للصحافيين والناشطين اللبنانيين بعد الضربة التي تعرّض لها في قضية استدعاء الصحافي مهند الحاج علي في أيلول (سبتمبر) الماضي، على خلفية شكوى «قدح وذم وإثارة نعرات» ضد مجهول رفعها رئيس حزب «القوّات اللبنانية» سمير جعجع (الأخبار 18/9/2013).


لكن يبدو أنّ قلب جهاز الرقابة الإلكترونية لا يزال ينبض. أمس، مَثَل المدوّن اللبناني جينو رعيدي أمام «مكتب الجرائم الإلكترونية»، بعد تلقيه اتصالاً في اليوم السابق يطلب منه الحضور إلى مقره في فرن الشباك (جبل لبنان) عند العاشرة من صباح اليوم التالي. وحين سأل رعيدي عن السبب، لم يلق أي إجابة، وفق ما قال في اتصال مع «الأخبار». هنا، انتابته حالة من القلق، وخصوصاً أنّ المكالمة الهاتفية تزامنت مع عطل تقني طرأ على الشركة التي تزوّده بالإنترنت، ما أدى إلى مشكلة في الموقع الإلكتروني الخاص بمدوّنته: «ظننت أنّ الموقع حُجب أو ما شابه، ولم أدرِ ماذا أفعل».
في «مكتب الجرائم الإلكترونية»، كان الوضع مخالفاً لتوقعات رعيدي. تلقى «معاملة حسنة، ولم أواجه أي مماطلة، كما أنّني وقّعت على الإفادة التي أريدها» قال. وأضاف إنّ مثوله أمام المكتب يعود إلى شكوى قدّمتها شركة «بونوفا» للتجارة الإلكترونية ضدّه أمام النيابة العامة، على خلفية مقال نشره على مدوّنته في تموز (يوليو) عام 2013 بتهمة القدح والذم. في المقال، تحدّث رعيدي عن «كيوب 7». الشاب الذي درس في «الجامعة الأميركية في بيروت»، شدد على أنّ مقاله لم يحتو على أي ألفاظ تتضمن القدح والذم، بل على تحذير من طريقة عمل تلك الشركات و«خصوصاً لأصحاب الدخل المحدود الذين يشكلون غالبية زبائنها».
لم يستغرق التحقيق أكثر من ثلاث ساعات، وانتهى بتوقيع رعيدي على تعهّد بعدم «استخدام ألفاظ قدح وذم». «هذا التعهّد مخالف للقانون لما يتضمّنه من إدانة مسبقة للشخص، في ظل عدم ثبوت التهمة، كما أنّه تقييد لحرية الإنسان لجهة الرأي والتعبير». هذا ما أكده المحامي في القانون لجمعة «مهارات» طوني مخايل لـ«الأخبار»، رغم أنّها ممارسة «متبعة لدى جميع قوى الأمن الداخلي»، علماً بأنّ «مكتب مكافحة الجرائم الإلكترونية وحماية الملكية الفكرية» تابع للشرطة القضائية.
الحادثة الجديدة تعيد فتح النقاش حول صلاحيات «مكتب القمع الإلكتروني»، وخصوصاً أنّه كان مقرّراً أن تستمر اللقاءات بين وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال شكيب قرطباوي والمعنيين للبحث في طبيعة عمله وإمكانية تحويله إلى ضابطة عدلية مختصة بجمع أدلة فنّية، من دون أن ننسى خطورة وجود المكتب على الحرّيات في لبنان، بعدما راحت صلاحيّاته تتسع، فضلاً عن عدم وجود ضمانات قانونية لسرّية معلومات المواطنين الإلكترونية. ويبقى الأهم هو استئناف البحث في قانون إعلام جديد، بعدما كانت «لجنة الإعلام والاتصالات» النيابية قد أنهت مناقشة اقتراح القانون الذي تقدمت به «مهارات» لتعديل القانون.

يمكنكم متابعة نادين كنعان عبر تويتر | @KanaanNadine