أول من أمس، سقطت طائرتان اسرائيليتان في منطقة «معوض» (الضاحية الجنوبية) في سياق إعتداءات «اسرائيل»، واستباحتها للأراضي اللبنانية. استخدم العدو طائرتين من نوع «درونز» (طائرة مسيّرة) عسكريتين، تحمل إحداهما متفجرة وأخرى استطلاعية لتنفيذ عملية أمنية داخل منطقة معوض. خطوة مستحدثة في الحرب مع العدو، تُستخدم فيها للمرة الأولى طائرات مسيّرة في عمق الضاحية الجنوبية. اعتداء أتى بعد انتهاء الكاتب والروائي جعفر العطار من فيلمه الأول القصير، الذي كان في صدد إطلاقه أمس، على مواقع التواصل الاجتماعي. لكنه عاد وأجّل خطوته، لأنها تتقاطع في خيوطها السردية الأساسية مع ما حصل أخيراً في الضاحية. الفيلم المعنون ?!Fu** the System، (كتابة وإخراج: جعفر العطار، تمثيل: علي عيتاني، لوسيان جبوري، رائدة خليل، ومدير الإنتاج: رامي بو عيسى)، يتكئ في فكرته الأساسية على استخدام الطائرات المسيّرة (درونز)، إنطلاقاً من إنتقام يسعى إليه أربعة شبان لبنانيين، تجاه الطبقة السياسية الحاكمة. إذ سيوضح الفيلم القصير (9 دقائق)، واقع هؤلاء الشبان، الذي يتسم باليأس، والغضب الشديد، من هذه الطبقة ونهبها للأموال العامة، وإفقارها للشعب اللبناني، فلا يجدون حلاً سوى باستخدام الطائرات المسيرة (7 طائرات)، التي يحمل كل منها متفجرات قد تصل زنتها الى 500 غرام «تي.ان.تي». وهو رقم مهول طبعاً، يحدث إنفجاراً هائلاً فوق سطح البرلمان اللبناني. القصة التي تؤرق كاتبها، أي غضبه من الطبقة الحاكمة، واليأس الذي أوصلت اليه الشعب اللبناني، ويحاول في أماكن شتى التعبير عنها أكان في المسرح أو في الكتابات الأدبية والروايات، حاول إسقاطها على الفيلم القصير، الذي يرجح أن يطلق خلال الأيام المقبلة على المنصات التفاعلية، ليكون في متناول أي شخص يملك هاتفاً نقالاً بأن يشاهده، ويتفاعل مع مضمونه. الفيلم الذي سيتحول أيضاً الى شريط سينمائي طويل، ويستند إلى الفكرة عينها، يسلط الضوء على بطليه: علي عيتاني الشاب الذي يقوم بارسال الطائرة الى مجلس النواب، لكنها تصاب بعطل تقني، ويساق بعدها الى التحقيق معه، على الطريقة الأمنية اللبنانية، ليفتح النقاش هنا، حول كيفية تعاطي السلطة الأمنية معه: هل هو عميل؟ مدسوس؟ «داعش»؟ أم ضحية الأوضاع المأساوية في البلاد؟ بعدها، نشاهد خطيبته (رائدة خليل) تتخذ منحى عنفياً بعد سوق حبيبها الى التحقيق، بعدما كانت مقتنعة تماماً باستخدام الأسلوب غير العنفي، وتقوم بنفسها بتفخيخ الطائرة وارسالها الى الهدف المحدد. تحوّل واضح في الشخصية ومسارها تفرضه الظروف المصاحبة، لتبدأ بعدها سلسلة من الاسئلة يطرحها الكاتب الشاب في الشريط (مدير التصوير: رامي حنكش، ديكور: إبراهيم العطار) تتمحور حول مدى فعالية استخدام المنحى العنفي ضد السلطة، وان كان مجدياً بعد تنفيذ العملية وماذا سيحصل بعدها. أجواء تسودها دوافع عاطفية انفعالية أكثر منها منطقية ومخططاً لها بشكل جيد لدى هؤلاء الشباب. ولعل السؤال الأبرز هنا يدور حول رؤية الشبان للطبقة الحاكمة لما يشبه العدو الإسرائيلي والسعي الى الإنتقام منها بعد الفشل في أساليب الإحتجاج التي استخدمت في السابق، من ضمنها الحراك المدني قبل سنوات قليلة.

في السياق عينه، انتشر قبل أيام على المواقع الإلكترونية خبر زيارة المنتج Derek Anderson الى أحد أحياء الضاحية، ليشاهد تصوير الفيلم. الخبر لم يكن من نسج الخيال، بل إنّ المنتج الأميركي حضر فعلاً الى الضاحية، كما يقول لنا العطار. وتابع بأنّ هناك «تعاوناً مستقبلي» بينهما يرتكز إلى الرواية الجديدة التي يحضر لها صاحب «الإله في إجازة طويلة». وسيسعى اندرسون الى التسويق لها داخل الولايات المتحدة بما أنها ترتكز في شق كبير منها إلى الواقع الأميركي. ويضع العطار هذا التعاون ضمن نصوص مستقبلية سيكتبها، على أن ينتج شرائطها أندرسون.