تزهر الأحلام في خريف العمر! لعل تلك الجملة تختزل فعلياً أقسى ما نعانيه في بلادنا المسيّجة بالفقر، وتشييع غالبية الأماني الطيبة! ولعلّها تصلح عنواناً عريضاً لحياة الكاتب والمحامي السوري سمير هزيم (١٩٥١/٢٠٢١) الذي غادر الحياة معلناً استسلامه بعد صراع شهر من الزمن مع كورونا! عمر طويل عاشه السيناريست الراحل في المهجر، لاحق فيه معطيات وتفاصيل الحياة بشكلها التقليدي، وتمكن في أميركا من تحقيق استقرار مالي واضح، وحصل على ما يريده من ضمان لمستقبله. ثم لملم أشياءه وعاد أدراجه إلى وطنه مثقلاً بالشغف والطموح، والحنين! رغم أنه كان قد قارب السبعين عاماً، لكنه كان ما زال في مرحلة البحث عن نفسه والشبق للإنجاز! «عندما وجدت أنني أعرف الكتابة، أو قد أكون كذلك تفرغت عموماً لهذا المشروع، وصرت بعيداً عن أي عمل تجاري آخر» يقول لنا في أحد حواراتنا الافتراضية التي كان ينسجها على نول الدماثة المطلقة! بنهم، أنجز نصاً شامياً بعنوان «بروكار» (إخراج محمد زهير رجب رمضان ٢٠٢٠) أراد أن يصوغ به حكايته من منطق الصناعة الشامية العريقة. أخذ المسلسل عنوانه منها، وقد أفادت فرنسا آنذاك من هذه الصنعة وقلّدتها! ولأن الصادق برهافة يصل بانسيابية مطلقة، فقد حقق مسلسله جماهيرية واضحة، ونال الكاتب الراحل قسطاً من الحفاوة، جعلته يصر أكثر على تقفي أحلامه! وبالفعل أنجز جزءاً ثانياً من المسلسل نفسه، وقد باشر المخرج محمد زهير رجب تصويره قبل أسابيع وسيعرض في رمضان المقبل. لكن الموت لا يملك في قواميسه مفهوماً يخوّله ترك فرصة لصانع مادة تلفزيونية كي يحتفي بمنجزه! الشيء الوحيد الذي بقي من أثره وتداولته السوشال ميديا هو صورة له مع المنتج الفني لعمله فراس الجاجة والمنتج أيهم قبنض.قبل قرابة شهر، نشر الرجل صورته وهو على المنفسة، وقال بأن المستشفى يعج بحالات مشابهة، وأوضح بأنه وصل إلى حواف الموت لكنه بدأ بالتحسن تدريجاً!
أردف منشوره بصورة قال إنها من ابنته وقد تمكنت من رفع معنوياته وهو في المرض! بعد ذلك، صمتت الصفحة تماماً وكأنه هدوء تمهيدي للسكوت الأبدي! نزع سمير هزيم فتيل الحياة، ومضى تاركاً خلفه مساحة شاسعة من الود الذي طغى على شخصيته، والتهذيب العالي إلى درجة غريبة عموماً على الوسط الفني السوري!