منذ أيّام المسلسلات التركية الشهيرة: «سنوات الضياع» «نور» و «بائعة الورد»، أخذ الدوبلاج السوري، مكانة مرموقة وراحت الظروف الإنتاجية، تحيل الصنعة التي تعتمد اللهجة السورية إلى حرفة حقيقية! هكذا، غزا عدد هائل من المسلسلات المدبلجة باللكنة السورية، معظم التلفزيونات العربية مستفيدة من اللهجة التي أصبحت محببة عند المشاهد، وخصوصاً بعد نجاح الأعمال الشامية. النتائج المضمونة في تجارة الدوبلاج الرابحة دفعت الشركات إلى توسيع عملها، خصوصاً مع الظروف المتردية التي شهدتها عاصمة الأمويين خلال العقد الأخير، وجعلت عربة الدراما التقليدية تترنّح! مع توالي السنوات وتراكم الخبرة، وصل الدوبلاج إلى ذروة الاحتراف عند أهل الشام وصار بعض الممثلين السوريين، يلعبون بأصواتهم في مطارح عميقة الحسّ فعلاً إلى درجة ابتكار السوية الأدائية الرصينة بالصوت!أمر جعل ممثلي الدوبلاج يصبحون نجوماً بأصواتهم فقط من خلال هذا المكان الذي بات يعتبر مسرباً رديفاً للدراما، علّه يخلق توازناً مادياً ما للممثل، ويجعله أكثر تريّثاً في خياراته الفنية الأخرى. أخيراً أفادت شركة «سامة» من ثورة التدّفق التلفزيوني، واستطاعت أن تحصّل عقداً ملفتاً مع شبكة نتفليكس، ربما عن طريق وسيط. وقد يكون عملاق البثّ الأميركي قد اعتمد على شركات أخرى من خلال وسطائه لإنجاز دبلجة باللغة العربية لمسلسلاته القصيرة، التي تطرح في الوقت ذاته بثلاث لغات على الأقل هي: الإنكليزية والفرنسية والعربية ولغة البلد الأصلي للعمل. قبل أيّام وتحديداً في الرابع والعشرين من أيلول (سبتمبر)، طرحت نتفليكس مسلسل Midnight Mass (قدّاس منتصف الليل) وهو مسلسل رعب خارق للطبيعة يحمل توقيع المخرج مايك فلاناغان، فيما تضم قائمة أبطاله الممثلين: راهول أبوري، هاميش لينكلاتر، كريستال بالينت، مات بيدل، ألكس إيسو، زاك غيلفورد.
يروي Midnight Mass حكاية مجتمع في جزيرة صغيرة ومنعزلة تتضخم انقساماته الحالية، مع عودة شاب ارتكب فعلاً سيئاً، يتزامن مع وصول كاهن صاحب كاريزما طاغية، وسطوة واسعة على الجميع. عندما يظهر الأب بولس في جزيرة «كروكيت»، تكون الجزيرة قد صارت تحت وطأة أحداث غير مفسّرة أشبه بمعجزة، تسيطر الحماسة الدينية المتجددة على المجتمع، لكن هل يكون لهذه «العجائب» ثمن؟ الجواب تشرحه الحلقات السبع في العمل المحدود، الذي لن ينجز منه أكثر من موسم ثان. الملفت بأن الدوبلاج العربي في هذا المسلسل رافق التصوير، إذ كان تصل إلى شركة «سامة» مشاهد خام، تتمّ دبلجتها أثناء التصوير والمونتاج، كلّ ذلك لتلحق الشبكة الأميركية طرح العمل للتداول بنسخه المدبلجة المتعددة في الموعد المحدد، وهو ما يفسّر فعلياً اهتمام نتفليكس بالمشاهد العربي الذي يلاحق ما تقّدمه المنصّة العالمية بترقّب صريح، ربما يتفوّق فيه عن المشاهد الأجنبي!