أفرزت الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، سلسلة إشكاليات مهنية أبرزها يتعلق بغياب الموضوعية في التغطيات الصحافية، والإنحياز ولو على حساب نقل الوقائع كما هي. ساهمت في ذلك، الإصطفافات العامودية السياسية منها والإعلامية، إضافة الى الحصار المفروض على روسيا إقتصادياً وإعلامياً وحتى تكنولوجياً وفنياً. كل هذه العوامل ساهمت في غياب الصورة الواقعية لما يدور على الأراضي الأوكرانية، وسط عصف من الأخبار والصور المفبركة، والمعلومات المغلوطة خاصة تلك المتعلقة بالميدان العسكري. إزاء كل هذه المشهدية، كان لافتاً ما أدلت به المراسلة الحربية الفرنسية، آن لور بونيل، على قناة CNews، في مداخلة لها ضمن نقاش تلفزيوني تناول «أفق الحرب في أوكرانيا» وكشفها حجم الخسائر البشرية والمادية في إقليم «دونباس»، حيث تتواجد، وارتكاب القوات الأوكرانية «جرائم حرب» كما وصفتها. في رسالة لها أمس، عبر تقنية الفيديو، أكدت بونيل أن الجيش الأوكراني يقصف المدنيين في هذا الإقليم، وأخرجت هاتفها على الهواء لتبيان صور قامت بتوثيقها هناك، تظهر مأساة السكان هناك وآثار الجرائم المرتكبة، جراء القصف الأوكراني.
وعلقت بالقول: «كنت أول من أمس في مدرسة حيث قسم جسد معلمتين إلى نصفين جراء قصف أوكراني والمدنيون يصابون هنا... ما أؤكده لكم هو أن سكان دونباس يُقصفون وحتى اليوم القصف متواصل.. يوم أمس دونيتسك تعرضت للقصف»، وأضافت: «سأتوجه إلى دونيتسك والقصف هناك ينفذ من قبل السلطات الأوكرانية. أنا آسفة أن أصدم المتابعين والجميع، لكنها الحقيقة، أنا لست طرفاَ ولا أدافع عن بوتين لكنها الحقيقة، أنا قريبة من المدنيين، أنا لا أتخذ موقفاً، ببساطة ما أقوله هو الحقيقة والواقع أن الجيش الأوكراني يقصف شعبه والأطفال منذ أشهر ويعيشون في الملاجئ تحت الأرض». وبعد إنهاء مداخلتها، غردت بونيل على تويتر، ودونت أن «الجيش الأوكراني يقصف المدنيين في إقليم دونباس منذ سنة 2014»، مشددة على أن الجيش الأوكراني «ارتكب جرائم حرب بقصفه للمدارس والمستشفيات وأن عدد حالات الوفاة خلال السنوات وصل إلى 13000 حالة». وبعد دقائق من نشر التغريدة، أغلق موقع التدوين المصغر حساب المراسلة الفرنسية، معللاً ذلك بـ «انتهاكها قوانين تويتر»! هكذا، يكشف جزء من هذه المعركة جرى التعتيم الإعلامي عليه طيلة الفترة الحالية، مقابل التركيز على المآسي الأوكرانية الإنسانية جراء القصف الروسي.