55 سنة من العمل في مجال «الفنّ الإذاعي» كما يحلو لها أن تسميه. ومع أنّ الحبّ والشغف لا يقاسان بعدد السنين، إلا أنّ عمر شغفها مئات منها. هيّام حموي مسكونة بعشق لا يذوي. هي ليست مجرّد صوت ساحر، بل صانعة وجدان وبانية أجيال ورافعة ثقافة ومولّدة ضحكات... لا يخلو برنامج تقدّمه من صوت معشوقتها فيروز التي تحلم بلقائها. حتى إنّها تقول: «إذا كانت لا تريد إجراء حوار معي، فلأسجّل صمتها، وأعلن أنّ هذا صمت فيروز»!ما قدّمته الإعلامية السورية من برامج على مدى أكثر من نصف قرن من عمرها المهني، لا يمكن حصره ببعض العناوين. نسألها عن أبرز البرامج التي حملت توقيعها، فتشير إلى «بنك الصداقة» الذي تعتبره «جَدّ الفايسبوك» من حيث الفكرة، وحقق شهرة واسعة. وهناك أيضاً «يوميات مذيعة في باريس»، و«أغاني ومعاني»، و«الهوا هوايا»، و«دردشة فوق السين» و«دهب الزمان» مع الباحث الموسيقي عثمان حناوي شقيق الفنانة ميادة الحناوي. تطرّق هذا البرنامج إلى أرشيف بليغ حمدي ومحمد عبد الوهاب.
كما أنّها تستذكر عدداً من البرامج الخاصّة بـ «معرض دمشق الدولي». أما بالنسبة إلى المقابلات، فتذكر تلك التي أجرتها مع الشاعر الراحل نزار قباني في برنامج «خمسون عاماً من الشعر»، والممثلة الراحلة سعاد حسني في برنامج «إذاعة خاصّة جداً». في ذلك البرنامج، «كنت أترك للضيف حريّة تقديم إذاعته الخاصة بمعنى أن يحكي عن نفسه ومسيرته، ويستضيف من يرغب. استطعت إقناع حسني بتقديم إذاعتها الخاصة من خلال عشر حلقات، استضافت خلالها عالم فضاء، ومحلّلاً نفسياً، وخبير كومبيوتر، وخبير ريبورتاجات، وغيرهم...». وفي الإطار نفسه، تستعيد لقاءاتها مع الكاتب عبد السلام العجيلي، والمطرب الراحل صباح فخري، والمبدع زياد الرحباني، الشاعر أدونيس والفنان شربل روحانا، من دون أن تنسى الإشارة إلى أنّها قدّمت برامج عن آلتَي العود والكمان.
اليوم، تبدو هيّام حموي معنية جدّاً بالحديث عن دور العلوم في حياتنا وعن هجرة الأدمغة: «كنت وما زلتُ أبحث عن الوعي من خلال عملي الإذاعي. أردتُ وأريد أن يسمع الناس فكرة تسهم في تغيير الواقع نحو الأفضل، وتقديم ما هو مفيد من خلال حديث إذاعي بسيط ومباشر». وتضيف أنّ فكرة إنشاء متحف الصوت ما زالت تراودها: «ليس فقط أصوات الناس التي تغني أو التي تحكي، إنّما أصوات الحياة... ربّما صوت ضحكة ولد».
عبر أثير «شام أف أم»، تقدّم هيّام وتعدّ حالياً برنامج «مع الأيام» (الجمعة ــ س: 17:00 ــ إخراج حسام العاتكي) الذي تؤكّد أنّ فكرته «ليست جديدة بل تكاد تكون مستهلكة لوسع انتشارها في شتّى المواقع والمنصات والوسائل الإعلامية تحت عنوان «حدث في مثل هذا اليوم»... لكنّها استفزتني قبل فترة عندما ذاع نبأ وفاة إحدى الشخصيات الأدبية والوطنية في دمشق، علّق عليه أحد مستخدمي فايسبوك بالقول: إيه مين يعني هالشخصية؟». وتتابع: «نظراً إلى كوني أنتمي إلى جيل إعلامي عاصر عدداً كبيراً من هذه الشخصيات التي جرى تغييبها بفعل «الحداثة»، اقترحتُ على الإدارة تقديم حلقات أسبوعية خلال هذا الصيف، وفي شهر آب (أغسطس) تحديداً، لتسلية من أتعبتهم الحياة بمشقاتها، على الرغم من أنّني على يقين بأنّ عدد من باتوا يستمعون إلى الإذاعات يتضاءل تدريجاً، وأصبح يقتصر على قلة سئمت صخب الأغاني، وخصوصاً إذا كانوا يستخدمون وسائل النقل، ويلفتهم ما يُقال عبر المذياع من حكايات قد تشغلهم ولو لساعة من الوقت... حكايات وخبريات ترويها المذيعة بصوتها أو بأصوات أصحابها بعد استخراجها من أرشيفها المتخم».
صحيح أنّ الفكرة غير مبتكرة، لكنّ حموي أرادت تقديمها بقالب مبتكر. هكذا، حرصت مع المخرج على أن يكون مدخل الحلقات وختامها مستعارين من أحدث صرعات «الهضبة» عمرو دياب: «والله أبداً»: «لقد مزج فيها شعر ابن زيدون الأندلسي بالفصحى مع مقطع بالعامية وعلى إيقاع موسيقي معاصرة جداً... وعليه، جمعنا الحاضر بالماضي الذي نعتبر أنّه لا يجوز أن يغيب... اشتغلنا على هذا النمط، وأسعدنا أن نعرف أنّه لاقى أحياناً بعض الاستحسان. وشكراً لإصغائكم. والأيّام بيننا...».

* «مع الأيام»: كل يوم الجمعة س: 17:00 على «شام أف أم»