القاهرة ــ أحمد فوزي---
«إذا لم تستح فاصنع ما شئت». ينطبق هذا القول على عدد من البرامج والأحداث العربية الترفيهية التي لم توقفها حرب الإبادة الإسرائيلية على غزّة ولا قهر الفلسطينيين. حتى أنّه يبدو أنّ الترفيه لا يتوقف في بعض الدول العربية مهما حصل. ما يجمع هذه البرامج أنّها تعتمد في فكرتها على تصويت الجمهور. وفي ظاهرة تصل إلى حدّ التوسّل إلى الناس من أجل المتابعة والتصويت، تكثّف البرامج دعواتها للتصويت لمتسابقيها ليلاً نهاراً عبر منصات التواصل الاجتماعية، بينما يُدفن المئات في غزّة بمقابر جماعية. وطبعاً، إذا سألتا المسؤولين عن هذه البرامج الآن، سيقولون إنّ الحرب توقفت!
لم تكن قرارات الحكّام العرب على قدر المسؤولية تجاه غزة، في الوقت الذي ينشتغل فيه الجمهور العربي تماماً بما يجري في القطاع حتى وإن هدأت الحرب بهدنة مؤقتة، من دون الاكتراث لأي شيء آخر. وملايين المنشورات على السوشال ميديا التي تتناول ما يجري في فلسطين المحتلة دليل على ذلك، على الرغم من رقابة مارك زاكربيرغ وإخوانه. هكذا، يبرز الانفصال التام بين الواقع والشاشات العربية التي تقدّم حالياً برنامج وأحداث، من بينها «شاعر المليون» و«أكس فاكتور» و«جوائز صناع الترفيه» (Joy Awards).
منذ السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، لم يتوقّف برنامج البحث عن المواهب الغنائية «إكس فاكتور»، بل واظبت قناة «دبي» بشكل اعتيادي حتى 25 من الشهر نفسه قبل أن يُعلن عن توقّفه «نظراً للظروف الراهنة»، على حدّ تعبير القائمين على المحطة الإماراتية التي لم تشر إلى الإبادة والتطهير العرقي والمجازر التي يرتكبها الصهاينة في حقّ أهل غزّة. غير أنّ فترة توقّف العمل الذي يشكّل تصوير الجمهور ركناً أساسياً فيه ويجلس في لجنة تحكيمه كلّ من اللبناني راغب علامة والمصرية أنغام والكويتي عبدالله الرويشد لم تدم طويلاً. لم ينتظر «إكس فاكتور» توقّف سفك الدماء، بل استأنف حلقاته في 17 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي وكأنّ شيئاً لم يكن، في تماهٍ حقيقي مع أداء الإمارات وموقفها المساند لإسرائيل والمناهض للمقاومة.
أما «شاعر المليون»، فعاد بموسمه الحادي عشر على شاشتي «أبو ظبي» و«بينونة» الإماراتيين، ليتنافس فيه عدد من الشعراء على جائزة مالية كبيرة خلال ثماني أمسيات، يعدّ تصويت الجمهور فيها رئيسياً لتحديد الفائزة إلى جانب رأي لجنة التحكيم. جولة سريعة منصّتي X (تويتر سابقاً) أو فايسبوك، تظهر مدى التسوّل الإلكتروني لجمهور لا يمكن له أن يستمع إلى شعر بعيد عن البشاعة التي تعيشها المنطقة وصرخات الثكالى الفلسطينيات!
ومن بين المشاريع التي تعتمد على تصويت الجمهور، «جوائز صناع الترفيه» التي انطلقت في تشرين الثاني الحالي بإعلان رئيس هيئة الترفيه السعودية، تركي آل الشيخ، بداية التصويت على أسماء نجوم الفن والرياضة لاختيار الأفضل منهم في 2023، بعدما مضى أسبوعان على انطلاق النسخة الرابعة من «موسم الرياض» والتي أثارت جدلاً واسعاً. علماً أنّ التصوير يجري من خلال تطبيق خاص بالجائزة، لينتهي الأمر بإعلان الفائز في احتفال Joy Awards الختامي.
وفي مصر، كان لافتاً أنّ برنامج «معكم» لمنى الشاذلي لم يتوقف، غير أنّ الإعلامية المصرية اختارت ضيوفها بعناية. مثلاً، استضافت كورال «عباد الشمس» الهادف إلى الحفاظ على التراث الفلسطيني. وحين قدمت الشاذلي أعضاء الكورال، تحدّثت عن فلسطين والقضية وما يحدث في غزة. يمكن للبرامج التلفزيونية الاستمرار نظراً لظروف كثيرة غير معلنة كالتعاقدات أو الإعلانات وغيرها، لكن يمكنها أيضاً أن تحاكي الواقع بطريقة أو بأخرى، بدلاً من الانسلاخ التام عمّا يجري.
+++++++++++++++++
إنسيرت:
استضافت منى الشاذلي كورالاً يحيي التراث الفلسطيني
++++++++++++++++++
كلام الصورة:
يجلس راغب علامة في لجنة تحكيم «إكس فاكتور»