مثلما كانت تدافع بكلّ ما أوتيت من قوّة عن الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة وللتمديد له قبل أن تتخلّى عنه بعد انتهاء ولايته، تكرّر قنوات لبنانية مهيمنة الأمر نفسه اليوم إزاء التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون. هكذا، انبرت mtv و«الجديد» في تلميع صورة القائد، في مقابل الهجوم على «التيّار الوطنيّ الحرّ» ورئيسه النائب جبران باسيل. وأتى تقرير ديوان المحاسبة بشأن ملفّات فساد في قيادة الجيش بمثابة الشمّاعة التي استخدمتها القناتان لتقديم فروض الطّاعة للقوى الغربية التي تقف وراء عون.فقد أوردت mtv في مقدّمتها مساء الثلاثاء الماضي أنّه «صدر التقرير المنتظر عن ديوان المحاسبة بشأن الهبة القطرية وسائر الهبات المالية والعينية والاتّفاقيّات الرضائية التي عقدها الجيش. وقد خلُص التقرير، الذي صدر قبل ساعات وتتفرّد الـmtv بنشره، إلى اعتبار أنّ كلّ التدابير المتّخَذة من قِبل قيادة الجيش مشروعة ومُباحة ومبرَّرة وتتناسب مع حجم التحدّيات الاستثنائية التي يواجهُها الوطن. فهل عند وزير الدفاع وجبران باسيل ما يقولانه بعد عن قائد الجيش وعن أدائه؟ في المبدأ لا. لكن مع جبران باسيل كلّ شيء مُباح في سبيل الرئاسة واستعادة المجد المفقود!».
أمّا «الجديد» فتلعب على الحبلَين؛ من جهة تريد ادّعاء وقوفها إلى جانب المقاومة في فلسطين وتنتقد دول الغرب بخصوص الحرب على غزّة، بينما تتماهى من جهة أخرى مع مواقف هذه الدوَل بخصوص قيادة الجيش. النتيجة: مقارنة التفاوض بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الدفاع موريس سليم، بالتفاوض حول الأسرى الفلسطينيّين! فاعتبرت القناة أنّها «حرب أركان بين الدولة والتيّار الوطنيّ الحرّ ممثَّلاً بوزير الدفاع موريس سليم». وقالت في مقدّمتها مساء الأربعاء الماضي إنّ «رحلة التفاوض على استرجاع وزير الدفاع الأسير لدى التيّار تبدو أكثر صعوبةً من التفاوض على صفقة الأسرى لدى «حماس» والتي اتّخذت زخماً كبيراً في الساعات الماضية»!
من ناحيتها، تعاملت LBCI مع الأمر بنوع من الموضوعية مكتفيةً بنقل الأخبار كما هي، إذ إنّها تعطي الأولويّة في الأيّام الماضية للعمليّات اليمنية في البحر الأحمر، ومن بعدها حرب الإبادة على غزّة. وكذلك فعل «تلفزيون لبنان» و«المنار» وNBN التي أضاءت على الموضوع بصيغة تقريرية بحتة، مع التركيز على حرب الإبادة والعمليّات في الجنوب اللبناني.
أما بالنسبة إلى OTV، فوقفت وحدها في معارضة التمديد، معتبرةً أنّ هناك «أكثريّة ممدِّدة» و«أقلّيّة متمرّدة». وممّا ورد في مقدّمتها مساء الثلاثاء: «الأقلية المتمرّدة يمثّلها مَن يقف وحيداً مجدّداً، دفاعاً عن الدستور والقانون والأساسيات التي من دونها لا أمل بقيام دولة». وأضافت: «الأكثريّة الممدِّدة أصرّت على التجديد لرياض سلامة عام 2017 ليدفع كلّ لبنان الثمن بعد عامَين، وها هي تكرّر عادتها السيّئة اليوم، مع اختلاف الشخص والموضوع، ليتكبّد كلّ اللبنانيّين كلّ الأثمان في المستقبل القريب».