في عصر هيمنة وسائل التواصل الاجتماعي، لا يمكن الاستهانة بقوة منصات مثل إنستغرام وتيك توك للوصول إلى الجماهير والتواصل معهم، خصوصاً فئة الجيل Z التي تستقي معلوماتها ووعيها من تلك المنصات. وكان لافتاً إنشاء حساب على منصة إنستغرام من قبل السيد محمد مهدي حسن نصرالله (@mhmdmahdinsrlh)، الذي سخّر هذه الإمكانية للوصول إلى الشباب بطريقة فريدة ومؤثرة. الجيل Z أو generation z مجموعة ديموغرافية من مواليد 1997 حتى 2012 أثرت بشكل كبير على مشهد استهلاك محتوى منصات التواصل الاجتماعي. وباعتبارهم الجيل الأول الذي نشأ مع وجود الإنترنت والهواتف الذكية، فإنّ لديهم علاقة فريدة مع المنصات الرقمية ومصادر الأخبار. ووفقاً لدراسة أجرتها «ستاتستا» في الولايات المتحدة، فإنّ 73% من الذكور و70% من الإناث من الجيل Z يستخدمون إنستغرام. كما أن 69% من الجيل Z يستخدمون تيك توك و63% سناب تشات. تشير هذه الأرقام إلى أن هذا الجيل يفضل المنصات ذات التوجه البصري مثل إنستغرام وتيك توك على مصادر الأخبار التقليدية مثل فايسبوك أو منصة X. يشير هذا التحول في أنماط استهلاك محتوى المنصات إلى أنّ الجيل Z لا يتجه إلى وسائل التواصل الاجتماعي للترفيه فحسب، بل أيضاً للحصول على الأخبار والمعلومات. حتى إنّه وفق Hootsuite، فإنّ 40% من الجيل Z يستخدمون تيك توك للبحث بدلاً من غوغل، وهذا أمر بالغ الأهمية. هذا التحول في كيفية استهلاك المحتوى الرقمي يعني أن المسوقين ومنشئي المحتوى بحاجة إلى تكييف استراتيجياتهم لتلبية الاحتياجات والتفضيلات الجديدة لجماهير الجيل Z.
بالعودة إلى السيد محمد مهدي نصرالله، يحمل الحساب رسالة واضحة، هي نشر محتوى ديني وثقافي بشكل سهل ومبسط وسريع يصل إلى فئة الشباب. وعلى الرغم من أنه لم ينشر سوى مقطعي فيديو حتى الآن، إلا أنّ الحساب تمكّن من جمع عدد كبير من المتابعين في فترة قصيرة بشكل ملحوظ. ويعود ذلك إلى أسباب عدة، أبرزها أن السيد نصرالله ينتمي إلى الفئة الشابة، أي إن الجيل الجديد لاحظ أن من يتحدث معهم هو مثلهم وقد يكون صديقهم. والأمر الثاني أنّ الفكرة خلف الحساب ذكية، فالمواضيع الدينية والثقافية قد تبدو صعبة للأجيال الشابة، وهي بحاجة لمن يتكلم عنها بشكل مبسط مع استخدام مصطلحات يستعملها الجيل الجديد. وعلى الرغم من أهمية قنوات التلفزيون أو الصحف التي تعمل في هذا الجانب، إلا أن الجيل Z هجر هذه الوسائل التقليدية منذ زمن بعيد. ونلاحظ أن وسائل الإعلام التقليدية صارت تستخدم منصات التواصل لنشر محتواها في قالب بصري كي تصل إلى الشباب. ولا يكفي اقتطاع أجزاء صغيرة من مؤتمرات صحافية أو من برامج عُرضت على شاشات التلفزيون ومن ثم نشرها على منصات التواصل. لا، فالوصول إلى الفئة الشابة يعني الحاجة إلى شباب تلقي المحتوى، إذ ستظهر بشكل طبيعي وعفوي وصادق، كما إنهم في طبيعة الحال يتحدثون بلغة الشباب.
في عالمنا الرقمي صارت فترات الاهتمام قصيرة، أي إنّ المستخدم الشاب يعطي أي محتوى أمامه حوالي سبع ثوانٍ في بداية الفيديو كي يقرر إكمال المشاهدة من عدمها. هكذا هي الأمور اليوم على منصات التواصل، ما عدا يوتيوب. جمهور هذه المنصة يتعامل معها أشبه بخدمة نتفليكس، بمعنى أن المستخدم قد يجلس لمشاهدة فيديو تبلغ مدته حوالي ساعة أو أكثر إن كان ضمن اهتماماته، في حين أن منصات مثل إنستغرام وتيك توك صار لدى مستخدميها نوع من المواظبة على الـScrolling، أي أنّه يمرّر المستخدم إبهامه على الشاشة كي يظهر أمامه محتوى جديد. وفي كل مرة قد يظهر محتوى أكثر إثارة. والأمر هنا أشبه بتجربة الحظ، فقد يستمر المرء بالـScrolling نحو عشر دقائق كي يظهر أمامه ما يثير الاهتمام. ولهذا فيها نوع من الإثارة، فهناك بحث ومكافأة.