شهد مجلس النواب الأميركي، أمس السبت تطوّراً كبيراً يتعلّق بتيك توك. إذ أقرّ النوّاب مشروع قانون يُرغم شركة «بايت دانس» الصينية المالكة للتطبيق على بيع تيك توك إلى مالك جديد أميركي أو مواجهة حظره في الولايات المتحدة بعد نحو السنة، مع إمكانية تمديد البيت الأبيض 90 يوماً إضافياً في حال أُحرز تقدّم في اتجاه البيع.أُدخل مشروع القانون خلسةً إلى حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا تبلغ نحو 26 مليار دولار، قبل أن يحصل على دعم الحزبَيْن بغالبية 360 صوتاً مقابل 58. وسارع الجمهوريون في الكونغرس إلى تسريع وتيرة التشريع عبر ربط المشروع بالمساعدات الخارجية، ما يزيد الضغط على أعضاء مجلس الشيوخ الذي سيصل مشروع القانون إليهم قريباً، للنظر في الحزمة بأكملها في تصويت واحد. وأعرب الرئيس جو بايدن عن نيته التوقيع على مشروع قانون تيك توك إذا وصل إلى مكتبه. وهذه هي المرة الثانية التي يحاول فيها مجلس النواب الأميركي حظر تيك توك بعد محاولة سابقة الشهر الماضي.
تمثّل هذه الخطوة تصعيداً كبيراً للجهود الأميركية لمعالجة مخاطر الأمن القومي المزعومة التي يشكلها تيك توك المتّهم بالعمل كـ «قناة للمراقبة الصينية وجمع البيانات»، وهو ما نُفي باستمرار. إضافة إلى أنّ جميع بيانات المستخدمين الأميركيين على التطبيق موجودة داخل الولايات المتحدة لدى شركة «أوراكل».
ينتقل مشروع القانون الآن إلى مجلس الشيوخ، حيث من المتوقع أن يواجه مساراً يلفه الغموض والضبابية. فهناك أكثر من 150 مليون مستخدم على تيك توك في الولايات المتحدة (نصف عدد السكان تقريباً)، يتلقّون المعلومات والأخبار ويتبضّعون ويجنون المال. فهل يخاطر الرئيس بايدن في إثارة غضب هؤلاء قُبيل الانتخابات الرئاسية في الخامس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل؟ هذه مجازفة كبيرة جداً. ومن جهة أخرى، ربط حظر تيك توك أو فرض بيعه بحزمة مساعدات لكيان الاحتلال وأوكرانيا، هو أبرز وجه للانقسام السياسي الحاد في البلاد. فالقاعدة الشعبية الجمهورية ــ الترامبية لا تريد إرسال المزيد من الأموال إلى أوكرانيا، بينما تريد دعم كيان الاحتلال في أسرع وقت. في المقابل، لا تريد القاعدة الشعبية الديموقراطية، وخصوصاً فئة الشباب، دعم الكيان الصهيوني وحكومة نتنياهو اليمينية المتطرّفة بسبب المجازر بحق الشعب الفلسطيني، في حين ترغب في دعم أوكرانيا.
المشهد معقّد، وكأنّ بنود مشروع القانون كلّها تحاول إلغاء بعضها البعض، في سبيل عدم التوصّل إلى نتيجة واضحة فيها جميعاً. كذلك من المتوقع أن يواجه بند حظر تيك توك رداً عنيفاً من قبل المستخدمين الأميركيين والجمعيات الحقوقية لما فيه من قمع لحرية التعبير.