الدوحة | لا يبدو أنّ استقالة مدير مكتب «الجزيرة» في بيروت غسان بن جدو قد «أزعجت» كثيراً إدارة القناة القطرية في الدوحة. أو أقلّه هذا ما يوحي به المسؤولون هناك، وخصوصاً بعد استقالة خمس مذيعات ومذيعين ورؤساء تحرير أثاروا كلهم زوبعة إعلامية، سرعان ما خمدت ... لكن، هل تكون استقالة الإعلامي المعروف مختلفة هذه المرة؟
علمت «الأخبار» من مصادر مسؤولة في إدارة المحطة أنّ غسان بن جدو سيصل إلى الدوحة خلال الساعات القليلة المقبلة من أجل بتّ قرار استقالته. وعلى رغم أنّ هذه الاستقالة جاءت احتجاجاً على تغطية القناة للأحداث في سوريا والبحرين ـــــ بين تركيز مبالغ فيه في الأول وتجاهل في الثاني ـــــ إلا أنّ مسؤولاً في إدارة المحطة قال لـ«الأخبار» إنّ «بن جدو لم يسرد في رسالته دوافع استقالته».

استقالة بن جدو كانت محور اجتماع الإدارة الصباحي في الدوحة. إلا أنّ أحد المسؤولين هناك قال لـ«الأخبار»: «في الواقع، قرّرت الإدارة أن لا يعلّق أحد على استقالة الزميل غسان بن جدو». وبعد ساعات، التقت «الأخبار» المدير العام للقناة وضاح خنفر في ختام «مهرجان الجزيرة للأفلام الوثائقية»، فكان رده مماثلاً: «العرف في المؤسسة أن لا نعلّق علناً على المسائل المتعلقة بشؤون الموظفين».
وفي مقابل «تكتم» خنفر، علّق مصدر مسؤول في إدارة القناة لـ«الأخبار»: «لقد وصلنا نص رسالة الزميل بن جدو، وكانت الرسالة من بضعة أسطر، لم يورد فيها سبب استقالته». وأضاف المصدر: «صراحة، فوجئنا بما قرأناه في الصحف من تصريحات على لسان الزميل غسان، لأنه لم يردنا أي شيء في الأيام الماضية، ولم نسمع منه ما يعكس رفضه لتغطية القناة للثورات الشعبية». وتابع محدثنا: «لن أخوض في أسئلة بديهية يطرحها أي شخص على بن جدو عن سرّ صمته عن تغطية «الجزيرة» للثورة التونسية مثلاً. لقد زار تونس ودافع عن تغطية القناة لثورتها. واليوم، نقرأ على لسانه أنّه متحفّظ عن تغطية ما يجري في سوريا أو البحرين مثلاً! وكان الأجدى به أن يتناقش مع زملائه في القناة، فخطّ الاتصال لم ينقطع يوماً».
وعن رد فعل وضاح خنفر لدى تلقّيه نبأ الاستقالة، قال المسؤول: «ما عساه يقول؟ مبدأنا أن لا نعلق على قرارات الزملاء ونحترمها، فهذه القضايا تناقش داخل القناة». أما عن قرار الفصل في قبول الاستقالة، فردّ: «ماذا ترك بن جدو لإدارة القناة بعدما بعث رسالة استقالته؟». وختم المسؤول حديثه بالتأكيد أنّ بن جدو حصل فعلاً على تأشيرة للدوحة «وسنستمع إلى وجهة نظره، فـ«الجزيرة» في النهاية عائلة كبيرة، وأذكّركم بأنّ 90 في المئة من الزملاء الذين استقالوا من القناة سابقاً، عادوا إليها، أبرزهم: إبراهيم هلال، أحمد الشيخ، جمال ريان وصلاح نجم».
«الأخبار» اتصلت بالإعلامي التونسي المعروف أمس، إلا أنّ بن جدو طلب تأجيل الخوض في موضوع استقالته يوماً أو يومين. لكنّه اكتفى بالتأكيد أنّ استقالته «نهائية ومؤكدة»، وقد بدأ حالياً الإجراءات الإدارية «مع القناة بما تفرضه اللياقة والاحترام من الجانبين»، مضيفاً إنّه لم يحسم بعد أي خيار بديل، علماً بأنّ النظام الداخلي للقناة ينصّ صراحةً على أن أي موظف يقدّم استقالته، تعدّ مقبولة ضمناً ما لم يتراجع عنها خلال 60 يوماً من تاريخ تقديمها.
إلى ذلك، وردّاً على الاتهامات الموجهة للقناة بأنها «تكيل بمكيالين» في تغطيتها للثورات الشعبية، وأنها أدّت دوراً «تحريضياً» في الشأن التونسي والمصري والليبي، مقابل «تغاضيها عما يحدث من «مجازر في البحرين»، فضّل وضّاح خنفر الإجابة عن سؤال «الأخبار» بطريقة عامة: «كل الأحداث الكبرى في العالم، تبدأ بخلاف ما تنتهي إليه. وحين تتطور الأحداث وتتفاعل، تصبح تغطيتها أكبر. حين بدأ الحدث السوري، لم يكن بهذا الزخم الذي يتمتع به حالياً. والآن تغيرت الظروف، وتغيرت التغطية وازدادت تكثيفاً لأنّ الأحداث على الأرض ازدادت، وليس بسبب وجود قرار سياسي، يدّعي بعضهم أنه تغيّر لاحقاً، بعدم التغطية في البداية. نحن لا نقوم بأي دور سياسي هنا». وأضاف: «الأحداث هي التي تحتم علينا كيف نغطي، ولا يمكن «الجزيرة» أن تتجاهل حدثاً كبيراً، فالحدث يفرض نفسه».
وفي انتظار بتّ مسألة استقالة بن جدو، بدأت بورصة الترشيحات بشأن خليفته المحتمل لإدارة مكتب بيروت، ما لم يعد بن جدو عن قراره، كما حدث قبلاً مع «زميله» عباس ناصر. لكن مصدرنا المسؤول في القناة رأى أن الحديث عن خلافة بن جدو سابق لأوانه، مضيفاً: «الزميل عباس ناصر استقال من «الجزيرة» بسبب خلافات شخصية بينه وبين غسان بن جدو».



عن سوريا... وعلي الظفيري

علمت «الأخبار» أنّ هناك تنقلات لعدد من المراسلين في «الجزيرة». المصوّر كامل التلوع الذي أُفرج عنه في ليبيا، سيلتحق بمكتب بيروت قريباً.
وعن عدم إيفاد مراسلين إلى سوريا، قال وضّاح خنفر: «لدينا مكتب هناك، لكن لم يُسمح لمراسلينا بتغطية الأحداث. لذا، اعتمدنا على صور من «يوتيوب»». من جهة أخرى، دافع خنفر عن المذيع علي الظفيري ضد الانتقادات التي تعرّض لها على خلفية بثّ شريط على «يوتيوب» يظهر المذيع السعودي يطلب من عزمي بشارة التغاضي عن أحداث البحرين. وقال خنفر «من حقّ مقدم البرامج أن يجري حواراً حول حلقته مع الضيف وهذا معتاد. لم أر شيئاً يناقض نزاهة العمل الصحافي الذي يقدمه الظفيري».