خالد صاغيةلقد دخلنا، أمس، بعد خطاب السيّد حسن نصر اللّه مرحلة جديدة في الصراع العربي ـــــ الإسرائيلي. مرحلة بدأت ملامحها تتكوّن منذ حرب تمّوز، وظهرت صورتها شبه مكتملة أمس. لا يتعلّق الأمر باستبدال الخوف والضعف بالشجاعة والقوّة وحسب، بل بالقدرة على جعل الحرب خطراً على إسرائيل نفسها. لقد تبدّلت معادلة الإزعاج مقابل الألم. معادلة الألم مقابل الموت. معادلة أن يقبع الإسرائيليّون في الملاجئ مقابل أن يخسر اللبنانيّون بيوتهم. أو، كما قال نصر اللّه، معادلة خدش جدار في تل أبيب مقابل تدمير مبنى في الضاحية.
يمكن الاستطراد والقول إنّه منذ عمليّة إطلاق سراح سمير القنطار، تغيّرت أيضاً معادلة ألف أسير عربيّ مقابل أسير إسرائيليّ. الأمر نفسه ينطبق على عمليّة الثأر لعماد مغنيّة، وتأكيد الأمين العام لحزب اللّه عدم القبول بالثأر عبر إصابة أهداف «متواضعة». المعادلة الجديدة تقضي بالآتي: القائد مقابل ما يوازنه.
وبالمعنى نفسه، وربّما عن قصد أو من دون قصد، ضرب نصر اللّه على وتر شديد الحساسيّة حين سمّى مطاريْ بيروت وتل أبيب باسميهما، وهما اللذان يحملان اسمَيْ رفيق الحريري ودايفيد بن غوريون. كأنّه لا يضع مطاراً مقابل مطار وحسب، بل يضع أيضاً رمزاً لبنانياً في مواجهة رمز إسرائيلي، وإن اختلفت درجات الإجماع على الرمزين.
قد يستنتج المرء من ذلك ابتعاد شبح الحرب الإسرائيليّة على لبنان، أو تحوّل هذه الحرب إلى حرب إقليميّة بعد كلام وزير الخارجيّة السوري وليد المعلّم، وبعد تأكيد نصر اللّه الحصول على أسلحة دقيقة. وقد يستنتج آخرون خيبة كلّ من كان لا يزال يراهن على فصل سوريا عن إيران، ثمّ استخدام دمشق للضغط على حزب اللّه.
لكنّ الكلام الاستراتيجيّ لم يكن هو المفصليّ أمس. كان ثمّة ما هو أبعد من ذلك.
معادلة نصر اللّه الجديدة ليست كسر التفوّق العسكري الإسرائيلي وحسب، ولا كسر العنجهيّة الإسرائيليّة وحسب، بل أيضاً، قبل كلّ شيء، كسر الانكسار اللبناني والانكسار العربي. هل تذكرون خطاب النصر في أيلول 2006؟ «لبنان دولة إقليمية عظمى»، هكذا تكلّم حسن نصر اللّه.