حسن فاخوري صدقاً، إنّ قطع الأرزاق من قطع الأعناق. لكن قطع بعض الأرزاق القليلة أفضل من قطع كلّ الأرزاق لكل الناس. فالديناميت يفيد البعض لكنه يحوّل البحار إلى صحارى قاحلة. فهو يقضي على بيض الأسماك، وبيض الإسفنج، والثروة السمكية، والتوتيا، والخلوليا، والبطليموس، ويدمّر الآثار الخفية، والحياة لسنوات، وهذه مسؤولية وزارة الزراعة وخفر السواحل.
والحقيقة أن الفرق كبير بين طَعم الأسماك بالأدوات العادية وطَعمها بالديناميت. فبالثاني تصبح رخوة، والبرغوث يأكل أكثرها، فتصبح ضارة، والغرفة الهوائية في رأس السمكة منفجرة كما أنها محرمة شرعاً، لأن الأسماك التي تنفق خارج المياه هي حلال أما التي تنفق داخل المياه فهي حرام. وترك الأسماك لفترة زمنية يؤدي إلى تكاثرها، أما الذي يعطي الرخص لـ«الكومبريسة» فهو يساعد في القضاء على الثروة السمكية. وفي الماضي، كانت الرخص تُعطى في شهر حزيران فقط لاصطياد الإسفنج الغالي الثمن، والحمد لله لا إسفنج عندنا بعد الرخص. أما اليوم، فتُعطى الرخص على مدار السنة، وسكان المدينة يسمعون أصوات الانفجارات الشبيهة بقنابل الفاشيست، فتهتز البنايات، وقد تؤدي إلى سقطوها كالزلازل، ويُرى من بعيد الماء كالنوافير من الديناميت، وكذلك في البحر المقابل لمخيم الرشيدية، ولا من رادع.
إن المساعدات من غزل ورادارات ونايلون ومشمعات وصنانير وشرك وشباك وفلين لا تنفع، ما دام الصيّاد لا يجد الرزق المطلوب، ما عدا بعض الأسماك الآتية من شواطئ الأرض المحتلة. وهو مدين للميرة المليئة على مدار السنة بالمثلّج والطرد وعمره على الأقل من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات، وربما أكثر. وهي بالفعل ضارة لأنها تبيت وتتحوّل مادة الفوسفور إلى سموم في اليوم التالي، فكيف بالزمن الأطول؟ «مسكينة يا صور». وفي جميع الأحوال، يعدّ السمك أكل الفقراء ما عدا في مدينتنا، فإنه للأغنياء، والسبب قلّته وخضوعه لمنطق العرض والطلب، ولأنه يُصطاد في مواسم معينة. حتى إن هناك شكوكاً أقرب إلى الظن في أن أصحاب صيد الديناميت و«الكمبريسة» مدعومون ويفتشون عن الآثار، ولذلك لم تتوقف الانفجارات رغم المنع، وإن كانت الشائعات غير صحيحة، فما هو السبب في استمرارها يا ترى؟