سركيس زعترهؤلاء الذين سطوا على موادّكم الأوّلية ونفطكم يقولون «لا للبنان»، وأنتم الذين عشتم معنا لسنوات وسنوات، ماذا تقولون لنا؟
هؤلاء الذين نهبوا خيراتكم حتى آخر نقطة يقولون «لا للبنان»، ونحن الذين عملنا معكم لإعمار بلادكم، ماذا تقولون لنا؟
هؤلاء الذين بشّروكم بالعودة إلى وحشيّة البادية عندما ينضب نفطكم يقولون «لا للبنان»، ونحن الذين تعبنا معكم، ماذا تقولون لهم وماذا تقولون لنا؟
هؤلاء الذين اتهموكم بالبلادة والغباء وسوء السيرة يقولون «لا للبنان»، ونحن الذين صاهرناكم وتزوّجنا منكم وتزوجتم منّا، ماذا تقولون لنا؟
هؤلاء الذين استعدوا الفلسطينيين واللبنانيين ومن بعدهم العرب، ومن بعدهم المسلمين، يقولون «لا للبنان»، ونحن الذين روينا الأرض بدمائنا فداءً لقضيتكم وقضيتنا، ماذا تقولون لنا؟
عند أول ثورة كنتم تهربون إلينا فنستضيفكم ونحميكم بنور أعيننا وندافع عن حياتكم، نحن ماذا تقولون لنا؟
ألا يكفينا «شرشحة» على أبواب الأمم؟
هؤلاء الذين استعدوا إيران بكم ليبيعوكم بضع طائرات ناقصة ومتاحف لا يحبّها شعبكم وجامعات احتاروا كيف يصدّرونها، يقولون «لا للبنان»، ونحن الذين التقينا بكم على مقاعد الدراسة ماذا تقولون لنا؟
هؤلاء الذين باعوكم أمتاراً مئات من صحاريهم ونحن الذين تقاسمنا الأرض معكم، ماذا تقولون لهم وماذا تقولون لنا؟
هل أصبح أهل بيت الرسول أعداءً لكم والصهاينة أحبّتكم؟ هل ما زلتم ضائعين بين القمامة والقمم؟
هل ما زلتم تبحثون عن عذر تستقوون به على عرب مثلكم ومسلمين مثلكم، كل هذا لمساندة الظالمين؟
ألا يستحق لبنان مخرجاً من هذه المآسي؟
كلّما يستشهد لبناني تبعثون لنا بدولاراتكم، وكلّما ارتاح لبنان تبعثون لنا بدولاراتكم حتى نستشهد من جديد، ماذا صنعنا لكم؟ ألم تعودوا تريدون الشتاء في جبالنا؟ ألم تعودوا تحبون صحبتنا وأناسنا؟ ألا تريدون السباحة على شواطئنا؟
ألا تريدون التنعّم بالحرية المطلقة عندنا؟ هل أصبحنا حرفاً ناقصاً في جاهليتكم؟ ماذا ارتكبنا نحن بحقّ الحرية حتى تأتون، أنتم المتسلّطون أبداً، لتعلّمونا مبادئ الحرية؟ بماذا أخطأنا بحق الديموقراطية حتى تأتون، أنتم السفّاحون، لتعلّمونا مبادئ الديموقراطية؟ صولوا وجولوا كما تشاؤون، فنحن الذين نشرنا الحرف في بلادهم المتسكّعة من دكان إلى دكان، أخذوا الحرف ليسجلوا فواتير الربا بحق شعبكم.
امسحوا مسح الرسول على شعوبكم، وإذا استفاقوا، ابعثوا بهم إلينا تجدوا أننا ما زلنا أحراراً رغماً عن أنوفكم.
هواؤنا نظيف ومياهنا طرية وستبقى غصباً عنكم. أما غداً، فستكتشفون أنكم إذا اشتقتم إلى هواء نظيف ولقمة طيبة ومياه غير مكرّرة لأنها من الينابيع، فستجدوننا نحمل قلبنا على أكفّنا والهامات طوال طوال كرؤوس جبالنا طوال كجبهة أبطالنا، طوال كعلوّ سمائنا. طوال أعلى من أية تلّة في صحرائكم المكسوّة بالرمل والغبار جبالنا عالية وبحرنا لطيف وزرعنا أخضر. وستجدون أننا بلاد الحياة والكرامة، وستبقى بلادنا رغم أنوفكم وسنستضيفكم وسنحميكم.