مقترحـات حلـول وبحـث قانوني فـــي أسبـاب الفشلثائر غندور
كتاب «دور المنظّمات الدوليّة في تنفيذ قرارات التحكيم الدولي»، هو أطروحة الدكتوراه لكمال عبد العزيز ناجي. يقدّم فيه تعريفاً للتحكيم بأنّه «الفصل في الخلافات بين الدول بواسطة قرار قانوني يتّخذه محكّم أو أكثر بخلاف محكمة العدل الدوليّة، يتمّ اختياره من قِبل الأطراف»، وهو مستعار من أحد أشهر خبراءالقانون الدولي، أوبنهام.
يتحدّث عبد العزيز في كتابه المؤلّف من 480 صفحة تنقسم على تسعة فصول، عن دور المنظّمات الدوليّة في مجال التحكيم ويتناول: الأمم المتّحدة، ومنظمّة التجارة الدوليّة، ومجموعة البنك الدولي، ومنظمّة الطيران المدني، والاتحاد الأوروبي، وجامعة الدول العربيّة، ومنظّمة الدول الأميركيّة.
ويخلص عبد العزيز إلى وجود عجز كبير لدى هذه المنظّمات عن القيام بدورها، تمثّل في قصور الأمم المتّحدة في التنفيذ، كذلك الوكالات المتخصّصة والمنظّمات الإقليميّة.
فمجلس الأمن، واستناداً إلى أحكام المادّة 94 من ميثاق الأمم المتحدة، يمكنه نظريّاً تنفيذ قرارات التحكيم الدولي، كما تملك المحاكم الدوليّة الأخرى هذا الحقّ. لكنّ الممارسة العمليّة أتت مخيّبة للشعوب الطامحة إلى العدل بسبب عدم وضوح دور مجلس الأمن في التنفيذ، من حيث مداه أو نطاقه. غموض يرى عبد العزيز أنه مقصود، ومردّه لا يقتصر على صياغة نصوص الميثاق، إنما يتعدّاها إلى التطبيق. كما أنّ مجلس الأمن لا يقوم بدوره في التنفيذ كوكيل عن المصالح الدوليّة، بل يتعيّن على الدول المعنيّة اللجوء إليه، وبالتالي فإنّ قيامه بدوره مرهون برغبة الأطراف سواء المحكوم لمصلحتها أو المحكوم ضدّها.
أمّا المنظمّات الإقليميّة والوكالات الدوليّة المتخصّصة، فإنّها تملك وسائل متعدّدة تمكّنها من فرض تنفيذ الأحكام الدوليّة سواء قامت بذلك بناءً على طلب مجلس الأمن، أو بناءً على طلب الدولة التي صدر الحكم لمصلحتها، أو من تلقائها وفقاً لأحكام مواثيقها المنشئة أو لوائحها الداخليّة. لكنّ هذه الوكالات، تتجنّب المساهمة في التدابير السياسيّة أو الاقتصاديّة التي تُتَّخَذ لإرغام الدولة الممتنعة عن الامتثال للحكم الدولي، وذلك خشية أن تؤثّر هذه التدابير في مصالح أعضائها، الأمر الذي قد يؤدّي إلى انسحابهم منها، فتنأى هذه الوكالات بنشاطها عن الإجراءات التي قد تؤدّي إلى مثل هذه النتائج. وكما هي الحال مع مجلس الأمن، فإنّ قيامها بأي دور فعّال، هو رهن برغبة أعضائها. وهي لا تهتمّ عادةً إلّا بالموضوعات التي تدخل ضمن نطاق اهتمام أعضائها وفي نطاق ممارسة صلاحيتها.
كما يشير عبد العزيز إلى ضعف سلطة الجزاء لدى المنظّمات الدوليّة، التي «جاء دورها مجيباً في تنفيذ الجزاءات على الدول الأعضاء التي لا تمتثل لقرارت المحاكم الدوليّة بل حتّى لقرارات المنظمّات الدوليّة بذاتها». يقول عبد العزيز.
ويستنتج من ذلك، أنّ الدول لا تزال تُفضّل عدم الخضوع لسلطة أعلى منها، وهو ما ينعكس حكماً على دور المنظّمات الدوليّة. ويصل إلى نتيجة مفادها عدم وجود نظام تنفيذ دولي لقرارات المحاكم الدوليّة، و«أنّنا أمام آليّات متناثرة غير مترابطة للتنفيذ في المنظّمات الدوليّة يعتريها الضعف وعدم الفاعليّة مع استثناءات
قليلة».