نضال حمدأميرة أبو عصر، رضيعة فلسطينية من بلدة القرارة في قطاع غزة، لم تتجاوز الثلاثة أسابيع، قصفت عمرها رصاصات جيش الاحتلال الإسرائيلي. ترى لو أن أميرة كبرت وعاشت وتعلّمت ودرست وتخرّجت ماذا كانت ستعمل في وطن محتلّ ومستباح؟ ماذا كانت ستفعل في وطن محتلّ تتحكّم فيه وفي حياة سكّانه عصابة إجرامية تقود كيان الاحتلال. وتعزّز مداميك احتلالها بالجرائم والمجازر والمذابح التي فاقت مذابح أي احتلال على مر التاريخ الحديث شرق المتوسط.
ترى هل كانت أميرة ستصبح أميرة كما هي الآن في عيون أبناء وبنات شعبها؟ هل كانت ستحتفل مثل كثير من النساء والشابات بيوم المرأة العالمي الذي يصادف اليوم؟
هل كانت ستضيء الشموع على قبور نساء وفتيات وزهرات فلسطين اللواتي قتلهن الاحتلال بدم بارد وبلا تأنيب ضمير قبل أن يأتي الدور عليها يوم أمس؟.
فيمّ يفكر الجندي القاتل حين يقتل طفلة وليدة أو طفل رضيع؟ كيف يمكنه العودة إلى المنزل ومن ثم احتضان أطفاله وتقبيلهم؟
عند التأمّل والتفكير يبدو هذا كلّه ضرباً من الجنون وأمراً غير ممكن على الإطلاق. وعند الفحص والتمعّن والتيقّن نجد أنه ممكن وحقيقي وقائم منذ 60 سنة في كيان غريب ومريب اسمه كيان الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين. إذ إن هذا الكيان قام وتأسس وبُني على مثل هذه الأعمال، وحتى على الأبشع منها بكثير، الأبشع من جريمة قتل الأميركية راشيل كوري التي تحلّ ذكراها بعد عدة أيام. راشيل التي جاءت إلى فلسطين لإيمانها بأن الاحتلال على غير حق، وبأن الشعب الفلسطيني لا بدّ أن يجد ضالّته في الحرية والحياة. دافعت عن المدنيّين الفلسطينيّين ووضعت نفسها سدّاً بوجه جرافات ودبابات الاحتلال التي كانت تهدم منازل أهل غزة.
الجندي الصهيوني المبرمج على قتل كل كائن حي ما عدا أبناء جلدته يعدّ مفخرة الصناعة الفكرية والعقائديّة الصهيونية، العنصرية، الاستعلائية في كيان اسرائيل. هذا الفكر الاحتلالي، الاستئصالي، الاجتثاتي، الذي سلب الفلسطينيين وطنهم والعالم إنسانيته وتفكيره ومنطقه. إذ إنه أعطى وطن شعب إلى جماعات استيطانية مهاجرة من كل الدنيا ضمن مشروع استيطاني، فأصبحت فلسطين بفضل هذا العالم المنحاز تسمّى اسرائيل. وبفضل مواقف الولايات المتحدة الأميركيّة والدول الأوروبية المنحازة لإسرائيل تموت الأزهار واقفة أو في حدائقها وعلى شرفات المنازل في فلسطين. كما تقتل كل يوم طفلة رضيعة أو تستباح حياة طفل وليد، ويوضع حدّ لحياة أطفال آخرين وأبرياء من المدنيين الآمنين الراقدين في منازلهم.
إلى متى ستبقى جرائم إسرائيل محلّلةن أما جرائم غيرها وإن كانت أقل منها قسوة ودموية وهمجية فتبقى محرّمة ومدانة ومحاربة وملعونة وملاحقة. بئس عالمكم ومواقفكم يا دعاة الحريات والتقدم والديموقراطية وحقوق الكلاب والقطط قبل أطفال فلسطين والعراق...